تحوَّل لبنان سريعاً منذ العام 1948، وفي الأعوام الأخيرة، أرضاً خصبة لإيواء كل نازح ومشرّد وهارب من حروب الشرق الأوسط، في وقت يتقاعس المجتمع الدولي عن إيجاد الحلول السياسية والاقتصادية لتلك المشاكل المحورية. قد لا يؤثر نصف مليون لاجئ فلسطيني على الأردن، خصوصاً أنهم أصبحوا من نسيج هذا البلد نظراً للرابط التاريخي والجغرافي والثقافي والديني بين الاردن وفلسطين، كذلك الامر بالنسبة الى سوريا التي أعطت الفلسطينين حقوقاً مدنية وسياسية واستخدمهم النظام السوري في فترات سابقة أداةً لضرب دول الجوار وعلى رأسها لبنان. عاش لبنان التداعيات الثقيلة والأزمة الحقيقية للجوء الفلسطيني، لأنّ البلد الذي استضافهم وتعاطف مع قضيتهم، دفع الفاتورة الأغلى، إذ دخلوا عاملاً أساسياً في الحرب الأهلية، وباتت مقولة حركة «فتح» الشهيرة أنّ «طريق القدس تمر في جونية»، تستخدم في المراحل كافة، مهما تغيّرت الأدوات الزمنية والجغرافية. طوى اللبنانيون والفلسطينيون تلك الحقبة السوداء من تاريخهم من دون إيجاد حلّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً أنّ معظم الدول والأحزاب نسيَت أو تناسَت قضية القدس وبات همّها في دمشق والزبداني وحلب والموصل وعدن. الأولويات تبدّلت لكنّ الشعب الفلسطيني ما زال يدفع ثمن السياسات الكبيرة واستغلال قضيته لأهداف سياسية تدخل في حساب بعض الدول.