لا يمرّ الزمن -الحلقة السادسة والثلاثون
أشرفت على منزله القائم على تلّة بيت مري، التي تبعد عن بيروت دقائق معدودة، فمن أحد المفارق البعيدة دلّها عليه.
أشرفت على منزله القائم على تلّة بيت مري، التي تبعد عن بيروت دقائق معدودة، فمن أحد المفارق البعيدة دلّها عليه.
استمرّ في الاتّصال بميرا لأيامٍ طويلة بحجّة السؤال عن والدتها. غير أنّ مكالماته بدأت تأخذ منحى آخر، إلى أمورٍ شخصيّة، في محاولة منه للتّقرّب إليها بشكلٍ أكبر. وأدركت ميرا محاولاته، فما استطاعت أن تتنصّل منه للياقته ووقوفه إلى جانبها، كما لم تستطع أن تُجاريه إلى ما كان يشتهي، فهي قد ودّعت بالأمس والدها، وقبل الأمس ودّعت عماد.
بداية الجائحة-المأساة التي تغلغلت في مشارق الأرض ومغاربها كان جوزف الصايغ في باريس. حدّثني عن رغبته الجامحة بقضاء الصيف في زحله كما فعل دومًا.
مضت ليلى في أيّامها، ترافع في المحاكم، وتتابع تطوّرات الحراك الشعبي. تلتقي مهى صديقتها وخازنة أسرارها، فهي دائمًا تفضي إليها بمكنونات نفسها.
ودّع والدته وشقيقتيه وداعًا مؤثّرًا، ذكّره بانفعالاته الجيّاشة يوم وداع والده الأخير. وأقلّه زياد إلى المطار ورافقتهما مهى.
مضى أسبوعان على وفاة أبي عماد، فاتّصلت ميرا بمهى وزياد تريد مقابلتهما سويًّا. زاراها في منزلها، فقالت لهما دون تمهيدٍ أو مقدّمات: - لقد اتّخذتُ قرارًا نهائيًّا بالانفصال عن عماد.
عندما وصل القرية، واستقرّ بعض الشيء، سأل شقيقته سهى: - ما الذي حصل؟ فقد كلّمته وطمأنته، وأكّد لي أنّه بخير. لا بدّ أنّ أمرًا طارئًا قد حصل.
بدأت وسائل التواصل الاجتماعي تتناقل تفاصيل الفضائح في الوزارة، وتكشف أسماء المتورّطين. فاتّصل عماد بمديره سالم طالبًا منه العمل على معالجة الموضوع. وهو الذي كان يطمئنهم دائمًا، فاتّفقا على الالتقاء في ساعة متأخّرة من الليل، فحضر وحميد إلى منزله، وأخبرهما أنّه اتّصل بمراجع سياسيّة عليا، وهي تؤمّن لهم الغطاء.
عندما قابلها في غرفتها فوجئ بمظهرها. خصلات شعرها مبعثرة على غير عادة، وجنتاها شاحبتان وقد فقدتا لونهما الوردي، عيناها ذابلتان شابهما احمرارٌ باهت، ونظرتها متهالكة كأنّها قطعت أميالًا عديدة.
نشطت تيّارات الحراك الشعبي في فضح ملفّات الفساد في مختلف الوزارات والإدارات. وتنافست فيما بينها على هذا الموضوع.