كان يمكن لعميد الديبلوماسيّة الأميركيّة المخضرم هنري كيسنجر أن ينهي الأسبوع الماضي زيارته الأخيرة للعاصمة الروسيّة موسكو دون ضجّة، تمامًا مثلما بدأها، لولا مقاله الجريء الذي نشرته صحيفة ''ناشيونال إنترست'' لدى عودته إلى واشنطن، وذلك على خلفيّة ما تضمّنه المقال من نصائحَ وتوصياتٍ بضرورة النظر إلى روسيا كعنصر رئيسيّ في أيّ توازن عالميّ جديد عوضًا عن اعتبارها الخطر الوحيد والمطلق الذي يهدّد الولايات المتحدة، وتشديده على أنّه في ظلّ تكوّن عالم متعدّد الأقطاب، فإنّ من شأن تنسيق الجهود الروسيّة والأميركيّة، وبالتشاور مع الدول الكبرى الأخرى، إيجاد هيكليّة لصياغة الحلول السلميّة في منطقة الشرق الأوسط، وربّما في غيرها من مناطق العالم، بما في ذلك أوكرانيا التي يُفترض أن تتركّز الجهود المبذولة من أجل فضّ أزمتها على ضرورة دمجها إطار هيكليّة الأمن الدوليّ والأوروبيّ، بحيث تصبح جسرًا يربط بين روسيا والغرب، عوضًا عن أن تكون منطلقًا لهذا الجانب أو ذاك ضدّ الآخر.