أطلقت الثورات ديناميّة عميقة افتتحت سيرورة تحوّل لا عودة عنها؛ فالوعي الفردي عند المواطن العربي تعبير عن اختمار العوامل المتشابكة التي تعرّضت لها المنطقة منذ سقوط الخلافة الإسلامية المتزامن مع الاستعمار، وما نتج عنه من استعمارٍ مبتكَر غير مسبوق، ألا وهو احتلال فلسطين. ترافق تشكّل الدول الوطنية العربية في المنطقة مع شعور ”باللاشرعية“ لأنها اعتُبِرت كتجسيدٍ للتجزئة والانقسام وعدم تحقيق ”الوحدة العربية“، ولترافقها مع احتلال فلسطين. فنتج عن هذه الإشكالية تيّاران: قومي وحدوي انصهاري له طابع شوفيني، وآخر إسلامي يدعو إلى استعادة الخلافة. تبيّن بعد حين مأزق ”الدولة الوطنية غير الواثقة من شرعيّتها“ في فشلها الذريع سواء على مستوى الأمن القومي (عدم تحرير فلسطين ونكسة العام 67) أم على مستوى الأمن الاجتماعي، أي التنمية، ولجوئها إلى قمع الحرّيات والاستبداد باسم ”المعركة“. وبدل بناء قدرات عسكرية دفاعية ضدّ دولة الاحتلال، تمّ استغلال قدرات الدولة لتوحّش الأنظمة الأمنية، وتحوّلت الجيوش لقمع الداخل بدل تحرير فلسطين.