رافَق الفِكر العِلمانيّ العربيّ نقيضه الدّيني طويلاً، من دون قدرة على حسْم الصراع معه في أوقات مبكّرة، تمتدّ في الربع الثالث من القرن الفائت، وفي ظلّ سياقات مواتية بما لا يُقاس مع ما نعيشه الآن، الأمر الذي يمثّل فرصة ضائعة على الأمّة، انفلتت من قبضة يدها قبل أن تحسم واحدة من أخطر مشكلاتها العمليّة وإشكالاتها النظريّة، تحت ضغط الاستبداد العسكري المتغلغل في ثناياها، والذي طالما نافَق الاستبداد الدّيني بهدف استعماله في كبْح النَّزعات التحرّريّة التي سوف تترتّب على المُجاهَرة بعِلمانيّة ناجزة يُفترض أن تذهب إلي غايتها الطبيعيّة وهي الديمقراطيّة وما تنطوي عليه من مَطالب مجتمعيّة مشروعة لتبادُل السلطة ولكنّها ليست مشروعة أبداً في نظر تلك الجماعات المُسيطِرة، التي بدا وكأنّها وضَعت يدَيها على مجتمعاتنا.