ملاحظات سريعة حول الأحزاب والطوائف
تاريخيًا لم تهضم الأحزاب اللبنانية الحديثة (اليسار عمومًا) معنى التسوية التي قام عليها لبنان، ولا هي آمنت أصلًا بوجود أو بمعنى لهذا الكيان اللبناني (المصطنع بحسب الرأي الشائع يومها وكأن بقية الكيانات العربية كانت أكثر أصالة أو تاريخية من لبنان). وهي لم تستطع بالمقابل أن تقدم بديلًا علمانيًا وطنيًا ديمقراطيًا لهذه التسوية التوازنية الطوائفية. الحزب الحديث قام في أوروبا تلبية لحاجة موضوعية داخلية بينما الحزب الحديث عندنا نشأ في فترة غلبة القوى الاستعمارية الخارجية على الداخل بعد انهيار الدولة العثمانية، فلم يتواجد هذا الحزب على المستوى الواقعي بل كان على هامش الحياة السياسية للبلاد وقضاياها. الحزب الحديث كان مجرد جهاز أيديولوجي مركزي يعكس حاجات ورغبات نخب مثقفة في قطاعات وكتل حديثة وفي الوقت نفسه يتوزع على، ويستند إلى، علاقات تقليدية لا صلة لها بنصه التأسيسي. ولذا كان هذا الحزب محكومًا بالتناقض أولًا وبالهامشية ثانيًا وبالفشل ثالثًا. الأمر الذي نعيش آثاره ونتائجه الى يومنا هذا..