­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

حرب السنتين وبعد...

الديبلوماسي

شاهد عيان
ما من شك في ان كتاب "حرب السنتين وبعد..." لمؤلفه عادل مالك، الذي صدر عن "دار سائر المشرق للنشر والتوزيع" في 410 صفحات، وغلاف كرتوني، وإخراج ملفت، مرجع موثق في غاية الأهمية بفصوله السبعة، لأحداث تركت بصماتها على تاريخ لبنان الحديث. وكانت لها تفاعلات وانعكاسات وامتدادات، لايزال صدى مفعولها إلى اليوم، وسيبقى إلى أبعد من اليوم.
فلأول مرة يخرج عادل مالك. المعروف، صحافياً وتلفزيونياً، بحيادة وموضوعيته واحاطته بمختلف جوانب المادة التي يعالجها، من تحفظ اشتهر به، فيكشف ما عنده من أسرار ومعطيات جمعها خلال حرب السنتين (1975-1976)، بحكم موقعه في المطبخ الاخباري لـ"تلفزيون لبنان" وبحكم علاقات الثقة الوطيدة التي ربطته برئيس الجمهورية سليمان فرنجية. وبأركان حكمه، وبسائر القيادات السياسية الفاعلة في تلك الحقبة.
ومن خلال روايته لتفاصيل وخلفيات أغفلتها معظم المؤلفات التي وضعت عن تلك المرحلة، كما لتفاصيل ما كان يدور في الكواليس السياسية ودوائر القرار، قدم عادل مالك ما يمكن تسميته بالصورة الكبرى، جامعاً أجزاء الصورة التي حاولت القراءات المؤدلجة رسمها في سنوات الحرب اللبنانية وبعدها.
هذا الكتاب الذي هو أقرب ما يكون إلى يوميات شاهد عيان، والتأريخ الموضوعي، والتوثيق الأخباري بكاميرا الحدث عند وقوعه. يسد فجوات عديدة ويضع بين أيدينا مجموعة وثائق مهمة، أبرزها مشاريع تقسيم لبنان. التي جرى أعدادها خلال تلك الحرب وبعدها، والتي ترخي اليوم بظلالها على منطقة الشرق الأوسط برمتها.
يقول عادل مالك "كلام كثير قيل في لبنان وعنه وسيقال أكثر، لكن لابد من التوقف عند نقطة معينة في هذا الكتاب الذي اردناه محاولة، ولو متواضعة لاستحضار السنوات العجاف للأجيال التي عاشت الحروب منذ نيسان/ ابريل 1975، وما تبعها حتى يومنا هذا، وأيضا للأجيال التي ولدت خلال الحرب وبعدها، والتي تظن أن لبنان كان دائماً على هذه الحال من الفوضى وعدم الاستقرار. هذه الأجيال على الأقل، لا مشكلة عندها في المقارنة المخيفة بالنسبة إلينا بين أين كنا وأين أصبحنا.
وختم عادل مالك بشهادة شاهد عيان من شهود الحق في ذلك "الزمن الجميل" وبالقول "ان لبنان الوطن النهائي والأبدي والسرمدي يستحق معاملة أفضل بكثير من تلك التي يتم التعاطي فيها معه الآن".
لقد صدحت فيروز قبل ما يزيد على نصف قرن: "اذا راح الملك منجيب ملك غيرو، لكن إذا راح الوطن ما في وطن غيرو".
ان هذا الوطن كالمركب التي تتقاذفه الأمواج والأعاصير، فيهتز ويهتز ويهتز، لكنه لا يغرق. لكن إلى متى. أنه كبرج "بيزا" المائل في ايطاليا، تنظر إليه فتراه كأنه سيؤول إلى السقوط بين ساعة وأخرى، لكنه يبدو كالصامد أبداً.
كتاب عادل مالك "حرب السنتين وبعد..." صدر مع تزايد التفاؤلات: هل "الصيغة اللبنانية لاتزال صالحة أم حان وقت التغيير، خصوصاً ونحن اليوم في عهد الإصلاح والتغيير؟ 


الديبلوماسي

9 أيار 2017