تحدّيات كبيرة أمام الحكومة
أبرزت الجلسات المتعاقبة التي عقدها مجلس الوزراء وأنجز فيها مشروعَي قانونَي تعديل السرّية المصرفية وإصلاح المصارف الوضع الضاغط الذي يملي استكمال هذه المنظومة التشريعية قبل مشاركة الوفد اللبناني في «اجتماعات الربيع» للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، تثار تساؤلات عما إذا كان ممكنًا إنجاز هذا المسار السريع بتصديق مجلس النواب على المشروعَين، علمًا أن اعتراضات برزت في الساعات الأخيرة على ربط مشروع إصلاح المصارف بإقرار مشروع قانون معالجة الفجوة المصرفية، كما أنه سيتعيّن على مجلس الوزراء تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار قبل سفر الوفد اللبناني إلى اجتماعات واشنطن المالية. (النهار)
وفي الجلسة الثالثة لمجلس الوزراء السبت الماضي، أقرّ المجلس مشروع إعادة هيكلة تنظيم القطاع المصرفي.
وقال وزير الإعلام بول مرقص «سنحقّق في غضون أسابيع قليلة رزمةً إصلاحية يحتاجها لبنان واقتصاده وقطاعه المصرفي وخصوصًا صغار المودعين». وأكّد أن الحكومة ستنكبّ راهنًا على إعداد مشروع قانون معالجة الفجوة المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، مشيرًا إلى أن الحكومة سبق أن أقرّت مشروع قانون يرمي إلى إجراء تعديلات على قانون السرّية المصرفية كشرطٍ ضروري للمحاسبة.
وأضاف: «أموال المودعين لاسيّما صغار المودعين تتمتّع في مشروع القانون الذي أقرّ اليوم بالأولوية في حماية الودائع».
واعتبر الرئيس سلام، أن إقرار قانون السرّية المصرفية، مؤشّر إلى أهمية الإصلاح في هذا المجال، قائلًا: «هناك من استفاد من السرّية المصرفية لتبييض الأموال، لكن الإصلاح في هذا الجانب سيكون له دور كبير في استعادة الودائع المفقودة». وقال إن هذا الإصلاح يشكّل جزءًا من التزام الحكومة بمكافحة الفساد وضمان الشفافية في النظام المصرفي.
وينشغل لبنان في اليومَين السابقَين لعطلة الجمعة العظيمة والفصح المجيد، بالاستعدادات الجارية لاجتماعات صندوق الدولي، وبمعرفة ما اذا كان المجلس النيابي سيتمكّن من إقرار مشروع القانون الذي أقرّه على الوزراء في جلسته الأخيرة. (اللواء)
وافق مجلس الوزراء، بعد نقاشٍ امتدّ لثلاث جلسات، على مشروع قانون يرمي إلى «معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها»، وأحاله إلى مجلس النواب. هو مجرّد نسخة هجينة من قوانين موجودة أصلًا، وتطبيقه مرهون بإصدار قانون آخر يوزّع الخسائر في القطاع المصرفي، كما إنه لا يتعامل مع «أزمة نظامية» بمقدار ما يهدف إلى انتشال بضعة مصارف منها، وهو يوازي بين مسؤوليات المصارف ومصادر خسائرها. هذا المشروع يُولد سريعًا لأنه مطلوب من صندوق النقد الدولي ومَن وراءه.
وحدهما وزيرا حزب الله، محمد حيدر وراكان ناصر الدين، سجّلا اعتراضًا مباشرًا وصريحًا على مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف. وهما، من بين قلّة ناقشت هذا المشروع في مجلس الوزراء باعتبار أن المشروع «ناقص» ولا يتيح إجراء تقييم واضح لأوضاع المصارف والتمييز بشكلٍ فعلي بين من يجب تصنيفه «صالح» أو «قيد الدمج» أو «قيد التصفية»، كما إن المشروع يتعامل مع «أزمة نظامية» بالمساواة بين المصارف ومشكلاتها. حتى أن الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية وعلى القوّات اللبنانية والذين أبدوا اعتراضًا على المشروع سواء لقناعاتهم بذلك، أو لأنهم متأثّرون بمصرفيين رافضين للمشروع، لم يتمكّنوا من الاعتراض حتى لا تنالهم شظايا الوقوف بوجه صندوق النقد الدولي.
أما في المشروع الذي أقرّه مجلس الوزراء، فكان هناك تركيز على أن تكون الهيئة المصرفية العليا هي المعنية بإعادة الهيكلة بدلًا من هيئة خاصة يرأسها حاكم مصرف لبنان ويشارك فيها نوابه ومدير المالية وآخرون. هكذا أجريت تعديلات على تركيبة الهيئة المصرفية العليا لتقليص «نفوذ» حاكمية مصرف لبنان. وبدلًا من أن تضمّ الهيئة الخاصة الحاكم ونوابه الأربعة، ستضمّ الهيئة المصرفية العليا الحاكم وأحد نوابه إلى جانب رئيس لجنة الرقابة على المصارف وخبير قانوني يسمّيه وزير العدل، ورئيس مجلس إدارة ضمان الودائع وخبيرَين في الشؤون المصرفية أو المالية أو التدقيق المحاسبي والجنائب أحدهما يقترحه وزير المالية وأحدهما يقترحه وزير الاقتصاد.
إصلاح وضع المصرف سيتمّ بناءً على «تقرير تقييمي نهائي ترسله لجنة الرقابة على المصارف إلى الهيئة المصرفية العليا حول وجوب تصفية المصرف أو إعادة تأهيله عبر إجراءات إصلاح الوضع بعد تعليل الأسباب»، على أن يرتكز التقييم على «تحديد القيمة الصافية لموجودات المصرف وحجم الخسائر».
هنا المسألة تصبح سريالية؛ فما يوظّفه المصرف لدى مصرف لبنان لن يعتبر في صلب هذا القانون، بأي شكلٍ من الأشكال، بمنزلة خسائر، وبالتالي ستقتصر الخسائر على مسائل مرتبطة ببيع اللولارات للزبائن الذين سكّروا القروض، وعلى خسائر القروض التجارية التي ستعامل كأنها ضمن «الأزمة النظامية»، وعلى خسائر سندات اليوروبوندز التي فرض على المصارف اتّخاذ مؤونات عليها منذ سنوات.
عمليًا، ليس واضحًا كيف يتمّ احتساب الخسائر ما دام هناك سعران للصرف في ميزانيات المصارف. فالودائع لديها مسجّلة دفتريًا بقيمة 89500 ليرة لكلّ دولار، ولكنها تدفع للزبائن على أساس 15 ألف ليرة للدولار، وتتعامل لجنة الرقابة مع ما هو مطلوب من المصارف لتسديد الدولارات أو لاتّخاذ مؤونات عليها بسعرٍ مزدوج أيضًا.
واللافت أن من بين معايير التعثّر أو احتمال التعثّر الذي سيتّخذ على أساسه قرار الدمج أو التصفية أو الاستمرار، أن يكون المصرف «تعثّر أو احتمال تعثّره في تسديد المطلوبات عند استحقاقها». الواقع، أن كلّ المصارف متعثّرة بهذا المفهوم، لأن أيًا منها ليس قادرًا على تسديد أي مطلوبات للزبائن. أما بالنسبة إلى تغطية متطلبات السيولة والملاءة، فالمصارف لا تتذرّع بأن ازدواجية سعر الصرف تمنعها من تغطيتها عبر زيادة رساميلها قبل أن تعرف ما هو حجم الخسائر المترتبة عليها.
عمليًا، هذا القانون لا لزوم له، إلّا أنه يأتي بطلبٍ من صندوق النقد الدولي ومن الإدارة الأميركية بحسب ما عبّرت عنه مبعوثتها الخاصة مورغان أورتاغوس.
فإعادة الهيكلة لا تكفي لأنها لا تضمن تقييم أي مصرف بصورة صحيحة، بل يمكن أن تعرّض مصارف للتصفية قد لا تكون قابلة للتصفية والعكس صحيح. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن من بين الملاحظات الأساسية للوزيرَين، أن مشروع القانون يساوي بين مصارف استثمرت بشكلٍ خطأ لدى مصرف لبنان وبين مصارف أخرى كانت تنوّع في استثماراتها لتقليص حجم المخاطر المترتّبة عليها.
ورد في ملاحظات الدائرة القانونية في مصرف لبنان أن «ضمّ رئيس لجنة الرقابة على المصارف إلى أعضاء هذه الهيئة مع منحه حقّ التصويت يخالف مبدأ الفصل بين صلاحيات اللجنة المتعلّقة بالتدقيق والمراقبة، وبين الصلاحيات التقريرية التي تعود للهيئة التي ستنظر بإعادة الهيكلة، لذا نقترح أن تكون الهيئة المختصّة بإعادة الهيكلة منفصلة تمامًا عن الهيئة المصرفية العليا».
يتردّد في أروقة المصارف أن هناك مجموعة محدّدة من المصارف الكبرى التي يمكنها أن تنجح في امتحان التقييم وفقًا لمتطلّبات مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الوزراء، وأن خمسة مصارف على الأكثر ستكون حاضرة بعد اجتياز الامتحان للاستحواذ على مصارف متوسّطة وصغيرة أو دمجها وبلعها، بينما لن تتاح لمصارف أخرى لم تكن مستفيدة كثيرًا من «سعدنات» رياض سلامة وشركائه، فرصة محاولة الاستمرار. (الأخبار)
في الشأن المالي، أوضحت مصادر السراي لـ«نداء الوطن» أن الحكومة، وبعد إقرار قانون رفع السرّية المصرفية وقانون إصلاح قطاع المصارف، ستسعى مع النواب لإقرارهما في البرلمان، من أجل تسهيل مهمّة الوفد اللبناني المتّجه إلى واشنطن في 21 نيسان الحالي للمشاركة في اجتماعات الربيع في صندوق النقد الدولي.
وتكشف مصادر السراي لـ«نداء الوطن»، أن العمل بدأ على فرز أسماء المتقدّمين لمنصب رئيس مجلس الإنماء والإعمار، وعندما تنهي اللجنة التي تتولّى هذه المهمّة، أعمالها، سيتمّ تحديد موعد جلسة لمجلس الوزراء لتعيين رئيس مجلس الإنماء والإعمار وفق معايير الكفاءة والنزاهة والحصول على ثقة الداخل اللبناني والمجتمع الدولي. (نداء الوطن)
الإثنين 14 نيسان 2025