قرداحي متعنّت في رفض الاستقالة
أبدت أوساط سياسية معنية بمتابعة الاتّصالات والمداولات الجارية في شأن إيجاد مخرجٍ لأزمة الانقسامات داخل الحكومة حول الأزمة الخليجية تشاؤمها حيال المنحى الذي تتّجه إليه الأمور في ظلّ ما بات مكشوفًا من ربط مسارَي الأزمة الحكومية والأزمة القضائية، إذا صحّ التعبير، وذلك في ظلّ معادلةٍ يفرضها معطّلو الحكومة على نحوٍ هجومي، وهي "لا" لاستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي التي يطالب بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعظم الأفرقاء الداخليين، و"لا" للقبول بإكمال القاضي البيطار في مهمّته مهما كلّف الأمر.
وإذ برزت في الأيام الثلاثة الأخيرة معالم انسداد كامل في إيجاد مخرجٍ لأزمة تعطيل الحكومة أمام تداعيات ازمة لبنان مع الدول الخليجية، شكّكت مصادر معنية في أن تنجح مهمّة بعثة جامعة الدول العربية التي تزور بيروت اليوم حيث فشلت الوساطات السابقة.
فوسط هذا التخبّط تصل اليوم بعثة الجامعة برئاسة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي في زيارةٍ تجول خلالها على الرؤساء الثلاثة وتهدف إلى تدخّل الجامعة للبحث فيما يمكن فعله لتهدئة الأزمة بين لبنان والسعودية وعددٍ من الدول الخليجية. يشار في هذا السياق إلى أن "صوت بيروت إنترناشونال" تحدّثت أمس عن اتّجاهٍ لدى دول خليجية لترحيل فئات معيّنة من اللبنانيين العاملين فيها بعد تصنيفهم تبعًا لانتماءاتهم الحزبية انطلاقًا من اجتماعٍ قالت إنه عقد بين ممثّلي وزارات الداخلية في مجلس التعاون الخليجي. لكن هذه المعطيات لم تتأكّد رسميًا. (النهار)
بدا واضحًا خلال الأيام القليلة الماضية أن كلّ الوساطات الداخلية والخارجية لم تفلح في معالجة أزمتَي القضايا العالقة أمام القضاء، والموقف السعودي من لبنان والذي استمرّت مفاعيله بالمعلومات عن مغادرة طواقم دبلوماسية السفارة يوم أمس الأول السبت، فما كُتِبْ قد كُتِبْ، والحلول بيد اللبنانيين قبل غيرهم، لكن الحسابات المبنية على مخاوف من استهدافات تعيق أي حلّ، وهكذا يرتبط العامل الداخلي بالعامل الخارجي ما يفرض تكامل العاملَين لإخراج لبنان من أزمته وهذا الأمر ما زالت دونه عقبات وصعوبات.
وأبلغ قرداحي المتّصلين به أنه سيداوم في مكتبه بدءًا من اليوم، مع العلم أن الرئيس ميقاتي قطع اتّصالاته به لعدم الامتثال إلى رغبته بالاستقالة الطوعية.
ولذلك، تستبعد المصادر أن تنجح التحرّكات والوساطات الجارية، علانية، أو خلف الأضواء، في حلحلة أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء قريبًا، لاسيّما ما تردّد عن مساعي واتّصالات ينوي القيام بها رئيس مجلس النواب نبيه برّي مع أصدقائه في بعض الدول الخليجية وفي مقدّمتها الكويت، لإنهاء المشكلة المستجدّة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بعد تصاعد المواجهة الخليجية مع إيران، وبالتزامن مع الكشف عن خلية تعمل لصالح حزب الله داخل الكويت، استنادًا لما أعلنته احدى الصحف الكويتية، وتداعيات هذا الكشف، سلبًا على هذه المساعي، وعلى العلاقات بين لبنان والكويت. (اللواء)
في بيروت، هناك فريقٌ سياسي يضمّ جماعة السعودية يريد من الحكومة إما الاستقالة أو إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وإعلان الحرب على المقاومة. وهذا الفريق لا يمتلك القدرات التي تجعله قادرًا على قلب الطاولة.
مسيحيًا، يرفع البطريرك الماروني بشارة الراعي، كما المطران الياس عودة، الصوت من أجل تضحيةٍ ما. لكن الرجلَين ينسيان أن «المطلوب رأسه» لم يرتكب جرمًا. يُقرّ الراعي وعودة بذلك، لكنهما يقبلان التنازل أمام السعودية. ودرزيًا، لا يعرف وليد جنبلاط كيف يتعامل مع الأزمة. فهو نفسه غير مقتنع بالاستراتيجية السعودية، لكن لا يمكنه مجاراة خصومها في لبنان. أما سنّيًا، فإن المواقف والتصريحات العالية السقف لا تنعكس حرارة تطالب بها السعودية كلّ شيخ أو رئيس حزب أو وزير أو نائب أو جمعية أو عشيرة. بينما يأخذ الرئيس نبيه برّي مسافةً من الحدث، لكنه لا يكسر التوافق الشيعي على رفض مطالب السعودية التعجيزية.
ما حصل حتى الآن هو الآتي:
- تكرار الرئيس ميقاتي محاولاته مع البطريرك الماروني ورئيس تيّار المردة سليمان فرنجية والوزير قرداحي لدفع الأخير إلى الاستقالة، وإزاء رفض ذلك، بحث في إمكانية انعقاد مجلس الوزراء للتصويت على الإقالة. لكنه ووجه برفض فرنجية وحزب الله بشكل رئيسي، وتحفّظٍ من آخرين بينهم الرئيس برّي وحتى الرئيس ميشال عون الذي يخشى انفجار الحكومة.
- حديث نادي رؤساء الحكومة السابقين بعضوية الوحيدَين: فؤاد السنيورة وتمّام سلام عن ضرورة إقدام ميقاتي على خطوة ما. فيما لم تُسمع كلمة من الرئيس سعد الحريري الغارق في صمته السياسي. ويعرف ميقاتي أن سلام لا يغرّد منفردًا ولا يقبل قرارًا من دون إجماع، كما أن ميقاتي، وإن كان يرفض الاعتراف بالرئيس حسّان دياب، إلّا أنه يعرف أن الأخير صار عضوًا حكميًا في نادي رؤساء الحكومات السابقين كما هي الحال مع الرئيس سليم الحصّ. بالتالي، فإن هذه «المؤسّسة» لا تفيد في جعل ميقاتي يقدم على خطوة بناءً على ما يصدر عن السنيورة.
- تأكيد الولايات المتّحدة وفرنسا وقطر والكويت أنه لا يمكن الحديث مع السعودية قبل قيام لبنان بمبادرةٍ ما. وعندما اقترح ميقاتي على نظيره الكويتي أن يزور وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الكويت طالبًا وساطتها، على أن يعود مع نظيره الكويتي إلى لبنان، كان الجواب بأن الكويت غير قادرة على إقناع الرياض بأي حوار، وأنه يفترض تقديم «بادرة حسن نيّة» تتمثّل في استقالة قرداحي أو إقالته.
- يعجز ميقاتي عن إقناع الثنائي الشيعي بالعودة إلى مجلس الوزراء من دون حلّ قضية المحقّق العدلي فيما يطالبهما بقصّ رأس حليف لهما هو الوزير قرداحي ومرجعيته المتمثّلة بفرنجية. فيما لا يجد رئيس الحكومة استقالته أمرًا مناسبًا، ليس فقط لأنه لا يقبل مقايضة موقعه بموقع وزير فحسب، بل لأنه، كما قرداحي، يعرف أن الاستقالة لن تفيد بشيء، ولن تصالحه مع السعودية، ولن تغيّر من سياستها ضد لبنان. (الأخبار)
تستمرّ الاتصالات داخليًا لبلورة مخرج من شأنه أن يقنع القيادة السعودية ومعها دول الخليج، بتغيير موقفها إيجابًا. وهذا المخرج يصرّ عليه المسؤولون الكبار، ولاسيّما منهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذان، حسب معلومات لـ"الجمهورية"، يصرّان على استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، لاقتناعهما بأنّها تفتح باب الحلّ مع الجانب السعودي والخليجي.
وقالت مصادر ديبلوماسية لبنانية وعربية لـ"الجمهورية"، أنّ وفد جامعة الدول العربية يحمل رسالة من أبو الغيط الى المسؤولين اللبنانيين، يدعو فيها إلى العمل من أجل تطويق الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية والدول الحليفة لها في الخليج العربي بجدّية مطلقة، والقيام بما يلزم من خطوات لتجنّب الأسوأ.
ولفتت المصادر، إلى انّ الوفد الذي سيحمل معه حصيلة المشاورات التي أجراها أبو الغيط مع عواصم الخليج العربي، مستقصيًا الظروف التي دفعت إلى اتّخاذ القرارات الأخيرة تجاه لبنان، وما يمكن أن تقوم به الجامعة العربية لحلّ المشكلة. ولم يغفل أبو الغيط الوقوف على رأي الحكومة المصرية بهذا الخصوص، فكانت له مشاورات مع وزارة الخارجية ودوائر الرئاسة المصرية.
وأشارت المصادر، إلى أنّ الوفد سينقل إلى أبو الغيط رؤية المسؤولين اللبنانيين للحلّ، وما يمكن الحكومة أن تقوم به وما لا تستطيع إليه سبيلًا. ولذلك فهو لا يحمل معه أي مبادرة أو اقتراح محدّد، وإن كان يحمل مجموعة أفكار متفرّقة لا ترقى إلى إمكان تحوّلها مبادرة شاملة. (الجمهورية)
الإثنين 8 تشرين الثاني 2021