وفي جانب آخرٍ من الاحتدامات أثار موقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في شأن دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى مؤتمرٍ دولي من أجل لبنان ووصفه له بأنه إجهازٌ على صيغة لبنان استياءً واسعًا ترجمه موقف عنيف للجنة الأسقفية لوسائل الإعلام أكّدت فيه "أن منطق الاستقواء الذي يستخدمه البعض أسلوبًا ونهجًا هو بعيد كلّ البعد عن أسلوب ونهج بكركي ولا يمكن اتّهامها به على الإطلاق". وأسفت اللجنة "أن يكون نجل المرجعية الشيعية الوطنية المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أحد الذين تسرّعوا في إطلاق الأحكام المسبقة على الدعوة إلى المؤتمر الدولي بدل إجراء قراءة متأنية للأسباب الموجبة التي دفعت البطريرك الراعي إلى إطلاق هذه الدعوة".
وأكّدت "أن الخوف على صيغة لبنان هو من المشاريع الغريبة عن الكيان اللبناني والمستوردة من دولة من هنا ومشروع من هناك. وليس صحيحًا أن مؤتمرًا دوليًا هدفه دعوة مقصودة أو غير مقصودة لاحتلال لبنان وتصفية سيادته بل الأصحّ أن مثل هذا المؤتمر هو الذي يحمي لبنان من الاحتلال ويرفع الوصاية المقنّعة عنه ويستعيد سيادته وقراره الحر المخطوفين". وأعلنت "أن إسطوانة التخوين باتت ممجوجة، فكيف إذا أتت ولا نظنّها إلّا من باب الخطأ من نجل المرجعة الشيعية". (النهار)
من جهة ثانية، وفي إطار السباق القائم بين "القوّات اللبنانية" و"التيّار الوطني الحرّ" على سَيل المواقف التي تركتها مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، استبقَ وفدٌ من "التيّار" زيارة وفد "القوّات" إلى بكركي اليوم لمناقشة آخر التطوّرات على وَقع الهجمة التي يتعرّض لها البطريرك على لسان قادة التيّار ومحازبيهم بنحوٍ غير مسبوق، تَلاه بروز تباينات قوية بين بعبدا وبكركي حول عملية تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر التيّار لـ"الجمهورية" إنّ الزيارة تسبق اجتماع "كتلة لبنان القوي" الدوري الأسبوعي بعد ظهر اليوم، وستكون بندًا أساسيًا على جدول أعمال الاجتماع، رافضةً استباق ما سيكون عليه الموقف تحديدًا "رغم معرفة الجميع أننا لسنا مع أي مبادرة من هذا النوع قبل تحقيق الإجماع عليها، وهو ما سجّلناه عند الدعوة إلى الحياد". وذكّرت المصادر بإعلان باسيل في مؤتمره الصحافي الأحد رفض أي دور للقضاء أو التحقيق الدوليين في ملفّ تفجير المرفأ.
وإلى وفد "التيّار" سيلتقي الراعي اليوم عددًا من الشخصيات السياسية والحزبية والوزارية، ومن بينهم الوزير السابق فارس بويز.
وتأتي هذه المواقف لتشكّل خطوة متقدّمة جمعت مسؤولي التيّار في جبهةٍ واحدة مع منتقدي مبادرة الراعي، والذين اعتبروها إعلان حرب على لبنان واعتداءً على سيادته، فيما برّرها الراعي في خطبة الأحد أمس الأول، معتبرًا أنّ المؤتمر الدولي الخاص بلبنان وبرعاية منظّمة الأمم المتّحدة، "من أجل إعادة إحياء لبنان، "كدولة موحَّدة بشعبِها وأرضِها، بشرعيّتِها وقرارِها، بمؤسّساتِها وجيشِها، بدستورِها وميثاقِها؛ ودولة قويّة تَبني سِلمَها على أساس مصلحتها الوطنية وحقِّ شعبِها بالعيش الآمن. وهو أمر لا يثبت إلّا بـ"تحصين وثيقة الوفاق الوطنيّ الصادرة عن مؤتمر الطائف سنة 1989، وتطبيقها نصًّا وروحًا، وتصحيح الثغرات الظاهرة في الدستور المعدّل على أساسها سنة 1990. أمّا الهدف الأساسيّ والوحيد فهو تمكين الدولة اللبنانيّة من أن تستعيد حياتها وحيويّتها وهويّتها وحيادها الإيجابي وعدم الإنحياز، ودورها كعامل استقرار في المنطقة".
وفي هذه الأجواء أكّدت مصادر مطّلعة على أجواء بكركي لـ"الجمهورية" ما نَشرته في عددها الصادر أمس عن تحرّكٍ شعبي واسع في اتّجاه بكركي "تحضيرًا لتجمّعٍ كبير السبت المقبل في الساحة الكبرى أمام الصرح دعمًا لمواقف البطريرك وتوجّهاته التي أرادها لتحصين الساحة الوطنية بعيدًا من الحديث عن حقوق مسيحية وأخرى إسلامية. فمبادرته تهدف إلى تعزيز المناعة الوطنية تجاه أي مشاريع تقود البلاد إلى ما لا يريده مَن يخشى على العيش الواحد والتضامن بين اللبنانيين". (الجمهورية)