­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

الانتفاضة اللبنانية ملزمة بتنظيم نفسها لاستعادة البلد... بظل الحراك اللبناني...

خالد ممدوح العزّي*

لم يعد خافيًا على أحد بأن لبنان أصبح في قلب الانهيار الذي ينذر بانتهاء الدولة وإعلانها من الدول الفاشلة بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية نتيجة الطبقة الحاكمة التي تفشل يوميًا بإدارة البلد، والذهاب نحو المحاصصة المذهبية المفروضة وفقًا للديمقراطية التوافقية والتي يستفيد منها طبقة صغيرة تغنى بطريقة غير صحّية، ويزيد حالة الناس فقرًا، وتعاسة، من ناحية وتبقى سيطرة وباء الكورونا، وعدم القدرة على الحدّ من انتشارها نتيجة التخبّط السياسي والفشل المؤسّساتي ينذر بحالةٍ صحّية غير سليمة بانتهاء فصل الصيف وبداية الخريف الذي يحذّر منها الأطبّاء والمراكز البحثية بأن لبنان سيكون على خطى إيطاليا من ناحية أخرى، وما أدراك ما ايطاليا ما تأثيرها على هذا المجتمع المقفل المشرذم الذي بات يتنظر الكهرباء والمازوت بالقطّارة.

لم تكن جولة وزير خارجية فرنسا إلى لبنان الذي أعلن: "بأن عدم تحقيق بيروت أي تقدّم في عملية الإصلاح التي اعتبرت شرطًا لأي مساعدات مالية أجنبية، وعلى السلطات اللبنانية أن تستعيد زمام الأمور، نحن حقًا مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم".

فالزيارة لم تكن سوى رسالة إنذار للحكومة اللبنانية التي تتخاطب وتهرول في مكانها منتظرة الإعانة من الغرب من دون تقديم أي إصلاحات جديدة وفعلية تبشر بانتهاج سياسة جديدة تستطيع اختراق جدار الصمت المسيطر على العالم نحو هذه الحكومة التي تشكّلت من لون واحد، كحكومة مستشارين ومدراء مكاتب لا تفقه بإيجاد أي حلول فعلية لها.

إن عدم قدرة رئيس الحكومة على الفصل بين حقدٍ شخصي على لودريان الذي اتّهم الحكومة بالإنجازات الوهمية وبين مصلحة لبنان الذي حطّم رئيس حكومته الجسر الفرنسي الذي يشكّل صلة الوصل الأخيرة مع الغرب، لكن الأهمّ بأن الإساءة التي كانت لوزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، بأن "زيارته لم تحمل جديدًا، وأن لديه نقصًا في المعلومات عن حجم الإصلاحات التي قامت بها حكومته، في موقف مناقض تمامًا لموقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تحدّث عن زيارة لودريان بايجابية، ما يدل على حجم التناقض بين الرئاستَين. ناهيك عن ما نقل عن رئيس الحكومة بخصوص السفيرة الأميركية.

وأمام هذه الأحوال التي تعيشها الدولة اللبنانية من انهيار تدريجي على كافة المستويات الاجتماعية والمعيشية لا تزال الحكومة تتخاطب مع نفسها ولا تجد الحلول لأنها لا تعرف ماذا تقدّم وماذا مسموح لها أن تقدّم تسير كأنها تقاتل طواحين الهواء كما حال "سرفنتس"، فيخرج رئيس الحكومة معلنًا بأنه يعاني من مؤامرة وهناك إنجازات كثيره قدّمها للشعب اللبناني ولا أحد يريد الاطّلاع عليها.

لم يعد واضحًا السلوك التي تنهجه هذه الحكومة وما هي الصلاحيات التي يمكنها استخدامها في ممارستها للحكم والتعاطي مع الأمور الحياتية اليومية التي تفرضها واجبات الحياة الفعلية لأي مواطن في دولة بغض النظر عن نوعية هذه الدولة.

لقد فشلت الحكومة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي أعاب عليها عدم دقّتها في تقديم الأرقام المالية التي باتت تشكّل للجميع عدم معرفة بالحقائق وتغييب كامل عن المشهد الاقتصادي الذي يعيش فيه لبنان.

لم تستطع الاتّفاق على شركةٍ للتدقيق المالي التي باتت تدخل في أمورٍ غير منطقية وغير دقيقة لكونها تتهرّب من التدقيق المالي التي باتت جهات واضحة معنية في الهدر نتيجة خوفها الفعلي من التوصّل إلى معلومات تدين هذه الجهات مما دفعها بالتصريح العلني بأن هذه الشركة لها ارتباط مباشر بالعدو الصهيوني وهي ستودي إلى تهريب معلومات للعدو وستساهم بحربٍ أهلية.

إخفاق الحكومة في ضبط البنزين والمازوت التي ساهمت به الأسواق السوداء المحمية إلى فقدانه من الأسواق الرسمية وبيعه في الأسواق اللبنانية بأسعار التهريب وكذلك تهريبه إلى سورية من دون مراقبة ومحاسبة مما بات يسبّب أزمة فعلية في الحصول على البنزين والمازوت لتشغيل قطاع النقل والقطاعات الأخرى.

وبالتالي بظل أزمة الكهرباء وإخفاق وزراء الطاقة المتعاقبون عليها في حلّ مشكلة الكهرباء الذي وعد بها المواطن اللبناني 24 على 24، بات ينتظرها واحد من أربع وعشرين فكان الاتّكال على المولّدات البديلة التي باتت تتهدّد هي أيضًا بعدم قدرتها على تأمين الكهرباء الاصطناعية لغياب المازوت الذي لم يعد يصرف لها ويصعد وزير الطاقة في استضافته في برنامج مارسيل غانم ليقول بإن هناك أزمة مازوت فمن عليه أن يلاحق هذه المشكلة فهل تبخّر المازوت كالغيوم في فصل الصيف لينذرنا بشتاءٍ قاتم.

إقرار الدولة بسعر الصرف في الأسواق السوداء بأنه سعر رسمي وهذا ما صرّح به أحد الوزراء في برنامج مارسيل غانم بأن مخصّصه الذي يبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية بأنه أصبح ألف دولار وهذا إقرار رسمي بهذا السعر والتكيّف معه.

إذن لم تنجح الدولة بحلّ مشكلة تفشّي الكورونا التي تشكّل نقطة سوداء في التعامل مع هذا الملفّ بالوقت التي كانت تتباهى به بأنها من الدول التي تستطيع تصدير تجربتها بمحاربة الوباء إلى الخارج، فعملية تسكير الحدود مع سورية والوافدين أيضًا من إفريقيا، وعدم تجهيز مستشفيات ميدانية للحجر هما السبب الذي سيدفع لبنان وشعبه الثمن الغالي لعدم التفكير بحلّ هذه المشكلة التي تخدم أهداف محدّدة من خلال إبقاء الحدود مفتوحة ومن دون رقابة وكذلك الحجّة الوهمية بأن المطار هو المنفذ الوحيد للعملة الصعبة التي تحتاجها الدولة.

فإذا كان الحديث عن الكورونا بهذا التشاؤم الفعلي لأنه ناتج عن غياب الإدارة الفعلية للعملية الصحّية بظلّ انهيارٍ كامل في القطاع الصحّي وغياب الدواء الفعّال بظلّ انتشار الدواء الإيراني غير المستوفي للشروط العالمية.

أما القطاع الاقتصادي حدّث ولا حرج غياب الرقابة من قبل القطاعات المعنية في مراقبة الأسعار نتيجة تضخّم الأسعار اليومية واختلاط المدعوم بالأسعار الحرّة مما يدفع الوزير السابق وئام وهّاب بإدلائه بتصريحٍ أثناء مقابلته على تلفزيون الجديد مضحك لجهة وزير الاقتصاد بأنه يشفق عليه وهذه ليست شغلته وبطريقة تهكّمية على أدائه غير الواضح في هذه الوزارة.

طبعًا يضاف إلى ذلك ملفّ الفضائح في الكهرباء والسدود ولفلفت موضوع الفيول والمغشوش والدجاج المضروب والكثير من الأمور التي لم تكشف بعد. بظلّ ذلك يظهر تخابط فريق الحكومة والموالي لها حيث أظهرت عمق الخلفات الداخلية فيما بينهما ولعل مقابلة الوزير وئام وهّاب على تلفزيون الجديد وسجاله العلني ضد الوزير محمد فهمي يكشف الهوة بين الفريق الواحد.

ولكن الأخطر في الأمر هو المؤامرة على لبنان من قبل الطبقة الحاكمة التي قالت انتفاضة 17 تشرين كلّن يعني كلّن من خلال التوافق على الاستمرار بممارسة الفساد المجتمعي على حساب لبنان وشعبه حاليًا التوافق على مؤامرة سدّ بسري وغضّ النظر عن تنفيذ سياسة حزب السدود الفاشلة التي تؤدّي إلى سرقة البلد والوقوف أمام الشعب واستخدام القوى الأمنية بوجه الناس بالوقت التي تشكّل هذه القوى صمّام الدفاع عن الناس لأنها من الناس لكن النظام السياسي اللبناني يدفع بالجميع نحو الهاوية من أجل المصالح الخاصة والضيّقة وعدم النظر لما يحدث للبلد.

لكن لا بدّ من الوقوف أمام كلّ هذه التطوّرات التي تشير إلى أن الطبقة السياسية تدفع بتغريب لبنان ودفعه نحو الهاوية من خلال توجّهين الأول هو الذي يمارس سياسة الفساد واستغلال وجوده في التركيبة الطائفية من أجل تأمين مغانم وحصص مالية خاصة له، والطرف الثاني يدفع لبنان بالوقوع تحت المظلّة الإيرانية التي تحاول بسط سيطرتها على لبنان واستخدامه ضمن مصالحها الخاصة والقومية ووضعه تحت أجندتها الخاصة في عملية تفاوض كامل في المنطقة، ومن هنا بتنا نرى التصعيد الأخير على الجبهة الجنوبية للبنان في محاولة لربط النزاع بما تعيشه المنطقة من أزمة وخاصة بظلّ الحصار المشدّد على إيران علّها تفتح فجوة في الجدار المغلق من البوابة اللبنانية لتريح الجبهات الأخرى.

لكن يبقى الأمل الفعلي على النداء الذي أطلقه البطريرك الراعي في حياد لبنان وليس تحييده من أجل فتح الآفاق مع المحيط وفتح ثغرة في العلاقات المقفلة مع الجوار والذي يدفع ثمنها المواطن اللبناني ويهدّد عيشه بكرامة.
وكذلك الأمل على مؤسّسة الجيش والمؤسّسات الأمنية التي يجب أن تحمي لبنان والشعب اللبناني لأنها الأمل وأن لا تسمح للطبقة الفاسدة باستخدامها ضد نفسها.

وأيضًا يبقى أمل المواطن اللبناني بإنتاج سياسة اقتصادية تعيد له حقوقه وأمواله المسروقة وتفكّ أسر الأموال في البنوك وأن ينتهج خطّة جديدة تحمي المواطن اللبناني وإنعاش الاقتصاد وأن لا يسمح لتفكيك النظام المصرفي اللبناني من اتباع النظام الفاسد.

فهذه الشروط مرهونة بالأساس بوعي الناس وإعادة انتفاضتهم التي تحمي لبنان وشعبه ومؤسّساته بسبب الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان من خلال التأكيد على النهج السلمي، لأن الانتفاضة هي السدّ المنيع بوجه سياسة الفاسدين والحامية للبنان.

لذلك مطلوب إعادة تفعيل الانتفاضة من خلال ثوار يقودون الثورة السلمية وليس ثوار يوحّدون المجموعات فالثورة مطلوب تنظيمها سلميًا من جديد لكي تقف بوجه مشاريع إنهاء لبنان.

* صحافيٌ وكاتبٌ لبناني

خالد ممدوح العزّي

الإثنين 3 آب 2020