­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

سعد وباسيل وجهان لعملةٍ واحدة

بطرس الجميّل

من يتابع هاتين الشخصيتين السياسيتين ويحاول إجراء مقارنة بينهما يتّضح أن هنالك قواسم مشتركة كثيرة بينهما. القاسم الأول أن الرجلين وصلا إلى السلطة بسواعد غيرهما. فالحريري تبوأ الزعامة السُنّية على جثمان والده الذي أورثه إمبراطورية تبدأ في الرياض ولا تنتهي في بيروت. فوجد نفسه بين ليلةٍ وضحاها ملكًا متوجًّا من دون جهد يذكر ألا وهو عامل الوراثة. كذلك باسيل فالشخص لم يقم بأي مجهود فردي أو يحقّق أي إنجاز مشهود له سوى التأهّل طبعًا من ابنة الزعيم. ويبدو أن ظاهرة الأصهرة متأصلة عند الموارنة من عبدالله الراسي، إلى فارس بويز، فالياس المرّ واليوم جبران باسيل. إلّا أن الأخير تفوّق على كلّ فريق الأصهرة فلن يسبق لرئيس أن جيّر الجمهورية إلى زوج ابنته بهذا الشكل الفظّ.

القاسم المشترك الثاني بين الشخصيتين هو الفشل. فالحريري الابن تمكّن بأقل من عقدين من الزمن بإفلاس إمبراطورية والده المالية والسياسية وتبديد أمواله من سعودي أوجيه، إلى سوليدير وليس انتهاء ببنك البحر المتوسّط. كما تبديد رصيده الشخصي مع مملكة الخير حتى وصل به الأمر إلى الاعتقال ولولا تدخّل الفرنسيين والعناية الإلهية لكان أصبح في خبر كان. أما باسيل تمكّن أيضًا وبأقل من عقدين بتبديد رصيد الزعامة لعمه بعد أن قام الشعب اللبناني المقيم والمهاجر بشتم العهد بشكل غير مسبوق، فضلًا عن الفشل الحقيقي بإدارة ملفّ الكهرباء الكارثي المسؤول عن ثلث الدين العام، والسدود التي ترشّح ماء ابتداءً من سدّ المسيلحة وليس انتهاء بسدّ بلعة، إلى الفشل بإدارة وزارات العدل والبيئة وغيرها من الوزارات؛ وألم يكن قبول وزرائه بتوقيع استقالاتهم مسبقًا عنونًا لهذا الفشل والاستتباع.

القاسم الثالث الذي يجمع هذين الشخصين هو انعدام الخط السياسي الثابت. فالحريري توّج زعيمًا على دم والده وخاض معركة ضد النظام السوري قبل أن يعود ويعقد الاتّفاق الرباعي ويزور الأسد في سوريا ويعود ليرشّح فرنجية رجل الأسد الأول في لبنان وينتهي بانتخاب الرئيس ميشال عون. أما باسيل فتارة هو رجل براد الأول والمدافع عن نظام الأسد، وطورًا هو من يضع لوحة الجلاء على صخرة نهر الكلب وإلى تظاهرات ١٣ تشرين. تارة يكرّس مصالحة مسيحية مع القوات ليعود وينقلب عليها رأسًا على عقب ضاربًا بعرض الحائط الاتّفاقات والتواقيع. تارة مع الثنائي الشيعي وأحيانًا ضد البلطجي. وهكذا دواليك.

أما القاسم المشترك الأخير هو اتّفاق الحريري-باسيل بما أُطلق عليه اسم التسوية الرئاسية وهو اتّفاق يقوم على تقاسم البواخر والاتّصالات والنفايات من تحت الطاولة وعلى شدّ العصب من فوق الطاولة ولولا الثورة لكان ساريًا المفعول لغاية اللحظة؛ كما أن هذين الشخصين يحلمان ليل نهار بكيفية إعادة إحياء التسوية بينهما وهذا ما يستشف من مضمون تغريدة باسيل.

هنالك قول قديم عند الموارنة: لا إرث في الزعامة. وهذا القول حقيقي ويتمّ عن تجربة تاريخية راسخة. فزعيم الموارنة أو المقدّم، أي الذي يتقدّم الطائفة، هو الرجل الحكيم والشجاع الذي يبرهن عن أهليته لهذا الموقع. بات من الواضح أن باسيل وبعد عمر طويل لن يتقدّم عند الموارنة وهذا أمر مفروغ منه. أما بالنسبة إلى الحريري الابن فبعد حادثة الاعتقال الشهيرة في مملكة الخير والإشارات الغربية السلبية أهمّها المقالة الشهيرة التي نشرت في الواشنطن بوست، بات من المستحيل أن يتبوأ مركز الزعامة السنية في لبنان. وأن حركته المتواصلة لا تختلف عن انتفاضات المحتضر التي لن تجديه نفعًا. كما أن تبادل الشتائم بين هاتين الشخصيتين لن تفلح بشدّ العصب الطائفي.

لذلك على الشابين الاحتفاظ بالمكاسب المالية التي حقّقاها ومحاولة صرفها في إحدى عواصم العالم بدل الاستمرار بنكران الواقع وهو أن لا مستقبل سياسي محترم لأي منهما.

بطرس الجميّل

الأحد 16 شباط 2020