غير أن الإطلالة الإعلامية الأولى لوزير الخارجية جبران باسيل، منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس دياب، على قناة "الجديد"، حملت الكثير من الشكوك حول سلاسة العملية السياسية الجارية في تأليف الحكومة، في ضوء التوجّسات التي عبّر عنها رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ"، حيال إمكان فشل حكومة دياب في حال تمّ تأليفها من وزراء ليس لديهم خبرة في الإدارة، وعدم فهمهم لكثير من الأوضاع الموروثة، إلى جانب انتقاداته لتوجّه الرئيس المكلّف لدمج الوزارات، معتبرًا بأن هذا الأمر خطأ، لكنه لاحظ أن ذلك لا يعفي السياسيين من مسؤولياتهم، على اعتبار أنهم هم من جاؤوا به.
وقال باسيل في المقابلة التي استمرّت أكثر من 4 ساعات بصراحة أنه يخاف من أن لا تنجح هذه الحكومة، مؤكّدًا أنه "لن يكون جزءًا من الفشل"، لافتًا "إلى أن عنوان المرحلة القادمة هو كيفية تأمين سياسات نقدية تصحيحية وتغيير السياسة المالية لأنها لن توصلنا إلّا إلى تدهورٍ أكبر".
ومع أن عنوان المقابلة التلفزيونية كان "محاسبة باسيل" إلّا أنها جاءت على إيقاع تجمّعٍ للحراك أمام مبنى المحطّة في المصيطبة، للتعبير عن احتجاجهم عليها، وحرص خلالها باسيل كثيرًا الدفاع عن نفسه وعن تيّاره، معترفًا في بعض الأحيان بسلسلة أخطاء ارتكبها، في حين برّر غيرها، معطيًا لنفسه أسبابًا تخفيفية، استنادًا إلى سياسة التفاهمات التي ارتضاها التيّار منذ انتخاب الرئيس عون، معتبرًا أن لبنان محكوم بالتفاهمات لأنه لا يُمكن لأي فريق أن يحكم لوحده، نافيًا أن يكون شارك في الفساد أو أنه سكت عنه، لكنه أقرّ أنه من الخطأ محاربة الفساد بالتفاهم، وأن من لا يعمل لا يخطئ، معتبرًا أن هذا النظام "مش ماشي حالو" ويجب تغييره، والحلّ بمحاربة الفساد في القضاء، غير أنه استدرك بأنه لا يقصد تغيير النظام الذي هو الطائف وإنما تعديل آلياته.
وكشف أنه ينوي تقديم مشروع قانون لتعديل هيئة التحقيق في مصرف لبنان لجهة تمكينها من كشف حسابات كلّ من يتعاطى الشأن العام، وأنه ينوي أيضًا سؤال مصرف لبنان عن التحويلات المالية التي جرت إلى الخارج، بينما كانت المصارف مقفلة، معتبرًا أنه رفع السرّية المصرفية، أحد القوانين التي رفعها تكتّله.
وفي موضوع الحكومة، لم يشأ باسيل الدخول في تفاصيل شكل لم يكتمل بعد، ولم يرد على سؤال عمّا إذا كان أرسل لائحة أسماء إلى الرئيس المكلّف، موضحًا بأن اسم فيليب زيادة لم يطرحه هو، بل طرحه عليه الرئيس دياب، وانه أجابه بأنه "شخص يجب الافتخار به لأنه من الناجحين"، كما نفى أن تكون الحكومة معرقلة عند حقيبتَي الخارجية والطاقة، مؤكّدًا بأن هذا الأمر غير صحيح، لكنه تساءل: لماذا يحقّ لكلّ الأطراف الأخرى أن تحدّد الوزارات التي تريدها، وأن تسمّي حتى مستشارين للتوزير، ولا يحقّ لي حتى أن اعطي رأيي، وقال هذا المنطق أنا لا أقبل به، ولا أقبل أن أمحى حتى في أن يكون لي رأي، مؤكّدًا أنه لا يتمسّك باسمٍ ولا يطرح أحدًا، لكننا نناقش في الأسماء من باب اختيار الأفضل.
وخالف باسيل رأي من يقول بأنه يجب أن نواجه مرحلة ما بعد اغتيال سليماني بحكومةٍ سياسية غير تكنوقراط، مشدّدًا على وجوب أن نبقي على ذات صيغة التكنوقراط، وأن نحاول سياسيًا الابتعاد عن النار التي تُهدّد بالاشتعال، وأن ننأى بلبنان حول ما يحدث، معتبرًا أن الأولوية يجب أن تكون للإنقاذ المالي والاقتصادي، وليس أن نكون ضمن محور المواجهة. (اللواء)
وفي المواقف، قال باسيل في إطلالةٍ تلفزيونية إنّ "الوضع صعب جدًا إلّا أنّ هناك حلولًا تؤدّي إلى الإنقاذ لكن بكلفة عالية ووقت طويل، ويجب البدء بالإجراءات". وأضاف: "يجب العمل على إعادة جدولة الديون"، مشيرًا إلى أنّنا "وقعنا، ويجب أن يكون هنالك مشروع كامل قيد المناقشة"، كذلك لفت إلى أنّ "90% من الودائع هي لصغار المودعين الذين علينا حمايتهم". (الجمهورية)
فقد استرعى الانتباه التوتّر الواضح في أداء رئيس "التيّار الوطني" في معرض تقديمه "عرضًا طوباويًا"، يتنصّل فيه من منظومة الفساد القائمة، مقابل عدم قدرته على إخفاء تحامله على تعاطي الناس المنتفضين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى درجة أنه أجاب ردًّا على سؤال قائلًا ما حرفيته: "هناك خلل كبير بالأخلاق في مجتمعنا اللبناني"! (نداء الوطن)