الإرباك السنّي... هل يَسقط في المحظور؟
رولان خاطر
لم يلقَ تكليف حسّان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة استحسانًا لدى «بيت الوسط» ولا لدى غالبية الشارع السنّي التي يمثّلها سعد الحريري، فقد سبق الاستشارات غير الملزمة توتّر في الشارع قد لا يتوقّف حتى سقوط الرئيس المكلّف.
لغة الشارع التي يُسرّب أنّ الحريري قد يستخدمها بعد الأعياد، سبقتها لغة تصعيدية اعتمدها الحريري في مواجهة رئيس «التيّار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل، عندما قال إنّ الحكومة المقبلة «ستكون حكومة الوزير جبران باسيل»، وأنه لن يترأس أي حكومة يكون باسيل فيها، ليأتيه الردّ سريعًا من رئيس الجمهورية ميشال عون من على منبر بكركي: «ليس باسيل من يشكّل الحكومة على رغم من أنه يحقّ له ذلك».
مصادر قريبة من دار الإفتاء أشارت لـ«الجمهورية» إلى أنّ «الدار تلتزم الصمت، وهو ينمّ عن حكمة وتبصّر في معالجة الأمور ومنحى التطوّرات في البلد». وقالت: «من المستحيل بعد أن تتشكّل الحكومة وتنال الثقة أن لا يزور الرئيس حسّان دياب دار الإفتاء، والدار اليوم في موقف حرج وتحاول أن تكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين عمومًا ومن البيت السنّي خصوصًا».
وأوضحت «أنّ دار الإفتاء تحاول أن تستوعب الجميع، وتَأخّر الرئيس المكلّف عن زيارتها مردّه إلى أنه لم تجر العادة أن يحضر الرئيس المكلّف إلى الدار قبل أن تأخذ الحكومة الثقة».
وعلّقت المصادر على ما يُشاع عن إمكانية استخدام الشارع السنّي بعد الأعياد، فقالت: «دار الإفتاء محافظة على ثوابتها الإسلامية، والذي يريد أن يعرف موقفها فليرجع إلى مواقفها الإسلامية».
وقال النائب فيصل كرامي لـ«الجمهورية»: «الرئيس سعد الحريري يريد أن يستخدم الشارع عوضًا عن خروجه من الحكومة، وهي ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الشارع لتحقيق مآرب شخصية»، مذكّرًا بـ«يوم الغضب»، «عندما استخدم الحريري الشارع في وجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هذا إضافة إلى جولات القتال بين جبل محسن وباب التبّانة التي انتهت باستقالة حكومة ميقاتي، بما يعني أنّ الذي استخدم الشارع في محطّات عدّة، لن يتوانى عن استخدامه هذه المرّة لسبب خروجه من الحكومة».
وأضاف كرامي: «الأجدى بالرئيس الحريري أن يذهب إلى المعارضة إذا كان لا يريد السلطة، علمًا أنّ الجميع على بَيّنة من المشاورات التي كانت جارية معه لعودته إلى رئاسة الحكومة، والتي باءت بالفشل، في حين أنّ الحريري هو من أقصى نفسه عن الحكم، ولم يُقصه أحد»، منتقدًا «الديموقراطية التوافقية التي أنتجتها التسوية الرئاسية، والتي عطّلت دور مجلس النواب وكلّ الآليات الدستورية».
وأكّد كرامي أنّ «لغة الشارع مرفوضة كلّيًا»، وأوضح أنّ «الحريري لا يمثّل كلّ الشارع السنّي في لبنان»، مشيرًا في هذا السياق إلى أنّ «الرئيس المكلّف حسّان دياب حازَ الميثاقية المطلوبة، لأنّ هذه الميثاقية تكون بين المسلمين والمسيحيين، كما أنّ استخدامات هذا المصطلح محدّدة في الدستور».
وأضاف: «نحن ضد استخدام الشارع السنّي بل يجب الاحتكام إلى المؤسّسات الدستورية، ومن يريد أن يعارض فليعارض من ضمن البرلمان والمؤسّسات الدستورية، لأنّ الشارع سيعيد لبنان إلى ما قبل 17 تشرين الأول. وبالتالي، ستكون هناك عملية إجهاض لأهمّ إنجازات الثورة عبر كسر الجدار الطائفي بين الطوائف».
وأوضح كرامي أنّ «التشاور مستمرّ مع الرئيس المكلّف، وتمثيل «اللقاء التشاوري» من عدمه في الحكومة الجديدة يتعلّق بشكل الحكومة ونوعيتها، فإذا كانت الحكومة سياسية فبالتأكيد «اللقاء» سيتمثّل، أمّا اذا كانت حكومة تكنوقراط عندها لكلّ حادثٍ حديث»، مشيرًا إلى «أنّ «اللقاء» لن يعرقل مسار الرئيس المكلّف، في انتظار نتيجة المشاورات».
من جهته، عضو كتلة «المستقبل» النائب عاصم عراجي شدّد لـ«الجمهورية» على «أنّ الرئيس الحريري لم يستخدم يومًا الشارع ولن يستخدمه لمآرب شخصية». ووصف الكلام عن أنّ الحريري يريد تحريك الشارع بعد الأعياد بـ«الكلام الفاضي وغير المسؤول». وقال: «من يقول هذا الكلام هو الذي يستخدم عامل التحريض»، مؤكّدًا «أنّ الحريري حريص على الاستقرار والسلم الأهلي وهو دفعَ ثمن هذا الاستقرار».
وكشف عراجي أنه سيحمل إلى كتلة «المستقبل» طرحًا يتضمّن «رفع دعوى قضائية بحقّ أيّ شخص يتّهم تيّار «المستقبل» مُسبقًا بأنه يعمل على التحريض الطائفي وتهديد الاستقرار الداخلي، لأنّ كلامًا كهذا يهدّد السلم الأهلي».
وقال: «موقعنا بعد عملية إحراج الرئيس الحريري وإخراجه من معظم الكتل السياسية في البلد وحتى من الحلفاء، يحتّم علينا أن نكون في المعارضة، وسنقوم بمراجعة نقدية لكلّ المسار منذ 3 سنوات حتى اليوم».
واستبعد عراجي نشوء كتلة معارضة تجمع «المستقبل» و«الاشتراكي» و«القوّات اللبنانية»، «في ضوء الفتور الحاصل في العلاقة بين «المستقبل» وحلفائه».
رولان خاطر/الجمهورية
السبت 28 كانون الأول 2019