سيف التصنيف الائتماني سبق العذل
ووفق معلومات "الجمهورية"، إنّ التهاني التي جرى تبادلها على الخطوط الرئاسية الثلاثة، صبّت في هذا الاتجاه، مع التشديد على إقران الاستقرار السياسي، الذي بدأ تثبيته مع مصالحة بعبدا، بالانتقال بالحكومة إلى فترة عمل وإنتاج في المرحلة المقبلة، تعوّض كلّ ما فات في فترة التعطيل، بالإضافة إلى الشروع في الخطوات التي من شأنها أن ترسل إشارات إيجابية إلى الخارج، ولاسيّما إلى المؤسّسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الدولية، خصوصًا أنّ لبنان مقبل على محطة أساسية في هذا المجال، مع اقتراب صدور تقرير "ستاندرد آند بورز" بين 17 و23 آب الجاري.
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، أنّ الموقف الرسمي اللبناني سواء السياسي أو المالي، يقارب بحذر شديد التصنيف المرتقب، علمًا أنّ المعطيات المتوافرة لدى المستويات اللبنانية الرسمية أو المالية، تؤكّد أنّ هذا التصنيف ثابت في خانة السلبية، وليس في مقدور لبنان أن يفعل شيئًا حيال هذا الأمر.
وربطًا بذلك، وكما يؤكّد خبراء اقتصاديون لـ"الجمهورية"، فإن لبنان ينبغي أن يكون حاضرًا وجاهزًا بفعالية في فترة ما بعد التصنيف، وتحويل السلبية، إن تضمنها تقرير "ستاندرد اند بورز"، إلى فرصة لينتقل في المسار المعاكس لها، والبناء عليها صعودًا، وهذا يتطلب عملًا حثيثًا من السلطة السياسية في لبنان، والدخول في مرحلة من الإنتاجية المقنعة للخارج، واسترداد ثقة المؤسّسات الدولية ووكالات التصنيف بلبنان، وبمصداقية الحكومة اللبنانية وتوجّهها إلى العمل الذي وعدت به يوم تشكيلها وفي بيانها الوزاري.
واذا كانت بعض المستويات الرسمية في لبنان تعتبر "أنّ التصنيف، حتى ولو كان سلبيًا، لا يجب اعتباره نهاية المطاف، وحكمًا على لبنان بالسقوط، إذ أنّ هذا التصنيف في جانب منه سياسي أكثر مما هو اقتصادي ومالي". إلّا أنّ الخبراء الاقتصاديين في المقابل يحذّرون من آثار التصنيف السلبي، ويجمعون على أن تبادر الحكومة إلى إعلان الاستنفار الاقتصادي، حتى ولو تطلّب ذلك إعلان حالة طوارئ اقتصادية لبناء التحصينات والدعائم الضرورية لمنع الاقتصاد من السقوط. إذ أنّ نتائجه ستتبدى فورًا في انخفاض أسعار سندات "اليوروبوند" في الأسواق العالمية، وكذلك صعوبة بيع السندات اللبنانية هذه في الأسواق، وإلزام المصارف بزيادة رساميلها.
بالتوازي مع حدوث إرباك داخلي كامل، وإشاعة مناخ غير مطمئن للمستثمرين والمودعين، وتراجع التدفقات المالية إلى لبنان وزيادة العجز في ميزان المدفوعات. ويضاف إلى ذلك، ارتفاع معدّلات الفوائد، بما يصعّب مهمة الاقتراض بأسعار معقولة، ويعرقل أكثر عملية إقراض القطاع الخاص، ما يجعل إمكانات النمو الاقتصادي شبه معدومة، وتصبح بالتالي محاولات الانقاذ أشد تعقيدًا وخطورة. (الجمهورية)
الأربعاء 14 آب 2019