الموازنة دخلت في الامتحان الأصعب
الموازنة، التي أمل الرئيس سعد الحريري في إقرارها قبل بلوغ رمضان اليوم، فيبدو استنادًا إلى معلومات لـ"النهار" أن هذا الأمر لن يكون متاحًا اليوم أو غدًا في مجلس الوزراء، إذ أن النقاط العالقة لا تزال كبيرة ، وقد دخلت المناقشات الامتحان الصعب في ظل رفض شارعي لمعظم البنود التي تؤدّي إلى خفض العجز، وصمت سياسي مريب حيال دعم الإصلاحات التي بدا الخوف من إضاعتها في اللحظة الأخيرة مع إسقاط معظم البنود الأساسية والاكتفاء بعملية تجميل ستضع لبنان في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، ولاسيّما منه الدول التي تعهّدت المساعدة في مؤتمر "سيدر" والتي اشترطت إصلاحات يحار المتابعون في العثور عليها في بنود الموازنة.
وبات واضحًا أن مجلس الوزراء قد يمدّد مناقشاته إلى نهاية الأسبوع الجاري أو إلى الأسبوع المقبل توصّلًا إلى حلٍّ يرى مراقبون أنه لن يكون سهلًا في ظل عدم اتفاق سياسي يتجلّى تارة باخفاء معلومات في الموازنة، وطورًا ببث شائعات عن بنود فيها، ما يوسّع الخلافات، الأمر الذي دفع وزير المال علي حسن خليل إلى المواظبة عبر التغريد على "تويتر" لشرح بعض النقاط والرد على مصادر مجهولة-معلومة، كما توضيح النقاط، التي لم تتضح كفاية، عن العلاقة مع مصرف لبنان، والمصارف التي وضعت الحل في عهدة رئيس الجمهورية بعد زيارة رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه قصر بعبدا السبت.
وفي هذا الإطار، رأى الوزير باسيل "إننا مقبلون على معركة قاسية بالسياسة، ليس فقط لإنجاز موازنة جيدة بل لنحقّق اقتصادًا جيّدًا، وهما متلازمان ولا نستطيع القبول أن ينفصلا ولكن سنستطيع أن نتخطى هذه الأزمة. أعرف أنها ستتعب الناس لأنها تمسّ حياتهم وجيوبهم لكن سنتخطاها بالعلم والمنطق وليس بالشعبوية والعشوائية والمزايدات السياسية التي ليس لها طائل". (النهار)
المعلومات المتوافرة حول نقاشات الموازنة أنها ستدخل اليوم في نقاط تفصيلية لم يجر التطرّق إليها مثل رفع نسبة الضريبة على فوائد الودائع من 7% إلى 10%، المرفوض من وزراء محسوبين على قوى ذات حضور قوي في الحكومة، فضلًا عن تخفيضات الرواتب والأجور والتقديمات للقطاع العام، إضافة إلى التقديمات الملحقة برواتب العسكريين والضباط.
وأشارت مصادر وزارية لـ"اللواء" إلى أن هناك سلسلة قرارات سيلجأ مجلس الوزراء إليها في القسم الأخير من النقاش في مشروع قانون موازنة العام 2019 وأوضحت أنه لا بدّ من أن يكون الموقف موحّدًا داخل المجلس خصوصًا في ما يتعلّق بقرارات تتخذ للمرّة الأولى على صعيد التقشّف فضلًا عن أنه لا يراد أن يظهر الأمر وكأن ثمة من يعترض عند كلّ تفضيل وثمة من يوافق سريعًا. لذلك اشارت المصادر إلى أن هناك توجّهًا يقضي بأن يسجّل كلّ وزير ملاحظاته ويسعى إلى التشاور مع مرجعيته حول بعض الإجراءات خصوصًا أن هناك مقترحات ستطرح للمرّة الأولى أو بشكلٍ مفاجىء.
وكشف مصدر مطلع أن البحث سيتطرّق إلى هذا الموضوع، من زاوية زيادة نسبة رفع الضريبة درجة واحدة على فوائد الودائع المصرفية (من 7 إلى 8%).
وقال جوزيف طربيه بعد زيارة عون أنه "بالنسبة إلى تخفيض الفوائد على الودائع، فإنه بمجرد أن تظهر في الأفق إنجازات، سواء كانت على صعيد الموازنة أو لجهة ترقّب تنفيذ خطّة الكهرباء، أو ما وعدنا به من بدء التنقيب عن الغاز والنفط في نهاية العام، فإن كلّ هذه الإشارات الإيجابية عندما ستبدو مؤكّدة، ستنخفض الفوائد وسيستفيد من ذلك ليس القطاع العام وحسب، إنما أيضًا الاقتصاد بشكلٍ عام".
ورفض طربيه، "توجيه أصابع الاتهام إلى المصارف"، ويقصد بذلك من يقترح تأمين واردات للدولة من خلال فرض ضرائب على المصارف وليس على المواطنين. معتبرًا أن هذا الاقتراح هو "هجمة على المصارف وجمعية المصارف"، وأن هذا الاستهداف "له أسباب لا علاقة للمصارف بها، بل هو استهداف للبلد ولاقتصاده".
أضاف: "أنا أسأل ماذا يمكن أن يقال عن المصارف التي تموّل الاقتصاد اللبناني، وحجم تسليفاتها له تفوق الدخل القومي في لبنان، كما أن حجم تسليفاتها للخزينة أبقت الدولة اللبنانية مستمرّة برواتبها ورواتب أجهزتها؟ إن كلّ ما تقوم به الدولة منذ 25 سنة إلى اليوم قائم في جزء كبير منه على التسليف المصرفي". (اللواء)
يستأنف مجلس الوزراء اليوم جلساته المخصّصة لدرس الموازنة، وسط أجواء توحي بتوجّه إلى تسريع النقاش، توصّلًا إلى إقرارها وإحالتها إلى المجلس النيابي خلال فترة لا تتعدى الأسبوع الجاري، أللهم إلّا إذا شكّلت البنود الإشكالية المتعلّقة بخفض الرواتب للمدنيين والعسكريين عائقًا يحول دون ذلك.
وإذ يلفت الخبراء إلى خلو الموازنة مما يمكن تسميتها "إصلاحات نوعية" او "إصلاحات جدية"، إلّا انها تضمّنت ما يمكن اعتباره إيجابية، إذ أنّ إيجابيتها هنا بالنسبة إلى الخارج والمجتمع الدولي ومؤتمر "سيدر" أنها تحقّق هدف خفض العجز في المالية العامة من 11.5% إلى 8.8%، وهو أمر يعكس جدية الحكومة إزاء خفض العجز، فضلًا عن أنّ هذه الحكومة أعطت إشارة إيجابية منذ فترة قصيرة بإقرارها خطّة الكهرباء.
وفي رأي الخبراء "أنّ هذه الموازنة، على تواضعها، تؤسّس إلى أن تحقّق موازنة 2020 عجزًا دون الـ7% من الناتج المحلّي لأنه في 2020 تكون نتائج خطّة الكهرباء بدأت تظهر، ولكن هذا يتحقّق إذا صَفت النيّات، وتمّت ترجمة خطّة الكهرباء بصورةٍ سليمة، ونحن اعتدنا في لبنان على أنّ العبرة تبقى دائمًا في التنفيذ، وليس في الكلام أو الحبر على الورق". (الجمهورية)
الإثنين 6 أيار 2019