حرّية الضمير والمعتقد: ماذا يعني أن أكون مؤمنًا، أو لا أدريًا أو ملحدًا؟
جو سليمان، بيتر القزّي وأنطوان شربل
المقدّمة
يكفل الدستور اللبناني في مقدّمته الحرّيات وفي طليعتها حرّية الرأي والمعتقد. هذا يعني أن المواطن اللبناني له كامل الحقّ والحرّية في اختيار الدين الذي يريد أو أن يكون لا أدريًا أو ملحدًا.
ولكن ما هو الإيمان، اللا أدرية والإلحاد؟
سنتطرق في هذا المقال إلى هذا الموضوع من خلال البدء بتعريف كلّ من المصطلحات الثلاثة، ثم سنستعرض بمجموعة أسئلة طرحناها على رجل دين أوضح من خلالها وجهة نظر الدين فيما يتعلّق بهذه المسألة قبل أن نختم بنتائج تصويت صغير قمنا بوضعه على موقع تويتر حول هذا الموضوع.
نبدأ بالإلحاد. الإلحاد يعني عدم الاعتقاد بوجود الآلهة. وقد ظهر الإلحاد كتيّارٍ فكري في القرن الثامن عشر في عصر التنوير وهو في تنامي مستمر خصوصًا في أوروبا وشرق آسيا حيث معدّلات الإلحاد الأعلى. وعلى الرغم من عدم وجود إيديولوجية واحدة أو مجموعة من السلوكيات التي يلتزم بها الملحدون جميعًا إلّا أن يرى الكثير منهم أن الإلحاد نظرة أكثر صحّة من الإلوهية، وبالتالي فإنّ عبء الإثبات لا يقع على عاتق الملحد لنفي وجود الله بل على المؤمن بالله تقديم مبررات للإيمان به حسب قولهم.
فيما خصّ اللاأدرية أو الأغنوستية، فإنها توجّهٌ فلسفي يُؤمن بأن القيم الحقيقية للقضايا الدينية غير محدّدة ولا يمكن لأحد تحديدها خاصة تلك المتعلّقة بالقضايا الدينية كوجود الله أو عدمه وما وراء الطبيعة والتي تُعتبر غامضة ولا يمكن معرفتها.
اللاأدري هو شخص ليس لديه رأي محدّد فيما يخصّ قضية وجود إله من عدمه، حيث أنه لا يُوجد دليل قاطع على تلك المسألة.
فإن كان المؤمن هو من يعترف بالله والملحد هو من يكفر به، اللا أدري هو الإنسان الذي يكون إيمانه معلّق. ويمكن تفريق اللادريين بين: لاأدري مُلحد هو الذي لا يؤمن بوجود معبود، ولكنه لا يدّعي معرفته من عدمها. ولاأدري مؤمن هو الذي لا يدّعي معرفة إله، ولكن في ذات الوقت يؤمن به.
أمَّا الإيمان فهو الاعتقاد والإقرار بوجود إله أو عدة آلهة. ولكن من وجهة نظر المؤمن فهذا التعريف غير كافٍ. لأن الإيمان بالنسبة إليه قائم على ثقة الإنسان بالله وعلى التزام الإنسان بالعلاقة القائمة بينه وبين الله. هناك أيضًا أبعاد وجوانب مختلفة للإيمان. تتعلّق بمدى روحانية كلّ إنسان أو باختبارات حياتية سابقة. ولإضافة بعض العملانية على بحثنا قمنا بإجراء تصويتٍ على موقع تويتر، وكانت النتائج على الشكل التالي، كما تظهر في البيانات المرفقة أعلاه.
في الخلاصة
إنطلاقًا مما توصّلنا إليه في بحثنا، يمكننا القول إن المجتمع اللبناني بأغلبيته مؤمن، يتبع أديان مختلفة ويتّفق أن الإيمان أو عدمه حرّية شخصية. إلّا أن أوجه الاختلاف بدأت تظهر حين تطرقنا إلى موضوع التعدّدية الفكرية في بناء المجتمعات، أما بالنسبة إلينا فنحن نؤكّد أهمّية حرّية المعتقد ونرى أن جزءًا كبيرًا من مبدأ الانتماء إلى وطنٍ يكمن في الدفاع عن حرّيات ومعتقدات الأخر وإن لم نتفق معها على الصعيد الشخصي.
جو سليمان، بيتر القزّي وأنطوان شربل
الأربعاء 20 آذار 2019