زيارة كرينبول الى لبنان كرّست التقليص وتجاهلت المطالب وتنذر بالمزيد من التصعيد..!
علي هويدي
اللافت في زيارة السيد كرينبول ما ذكره في مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم الأربعاء 9/2/2016 بأن ليس فقط لا تقليصات للخدمات الصحية للاجئين في لبنان بل إن "قرارات الأونروا الاستشفائية الأخيرة تحمل في طياتها بعض التحسينات والمنافع"، وهي "السياسة عينها المطبقة في فلسطين والأردن وسوريا"! ويشرح كرينبول قائلًا: "توفِّر الوكالة الرعاية الصحية من المستوى الأول عبر عياداتها السبع والعشرين، وهي مجانية كليًا وهذه التغيرات التي دخلت على السياسة تسمح لنا بتحسين تغطية الخدمات الاستشفائية من المستوى الثالث لا سيما في معالجة الأمراض المزمنة".
لكن نسأل أين هي "المنفعة" التي ستتحقق للاجئين نتيجة "سياسة الاستشفاء" الجديدة إذا كان أولًا على مستوى العيادات السبعة والعشرين، على الرغم من المعاينة المجانية لكن تلك العيادات تفتقر إلى التجهيزات الطبية المناسبة، ولا يتوفر فيها إجراء بعض الصور الطبقية والتحاليل، عدا عن عدم توفر العديد من الأدوية التي يضطر اللاجئ لأن يشتريها.
وثانيًا، الغريب بأن المفوض العام لم يأت على ذكر المستوى الثاني من الحالات المرضية، وهي الحالات التي تحتاج دخول مستشفى لإجراء عمليات الحصى والمرارة، والزائدة الدودية، والتهاب الكلى والفتاق، وإزالة اللحميات الأنفية، وكسور العظم البسيطة، وعمليات الولادة للنساء المصنفات ضمن دائرة الخطورة، والحالات الطارئة من الإسهال والاستفراغ، وكانت "الأونروا" تغطي تكلفتها بنسبة 100%، أما بعد التقليص فاصبح اللاجئ الفلسطيني ملزم بدفع 20% في المستشفيات الخاصة و15% في المستشفيات الحكومية و5% في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، مع إلزام المرضى بالتوجه أولًا إلى مستشفى الهلال الأحمر، وإذا تعذر العلاج فالمستشفى الحكومي وإذا تعذر فالمستشفى الخاص، ومعروفة هي إمكانيات مستشفيات الهلال الأحمر غير المجهزة، فأين هي المنفعة؟!
وثالثًا فيما يتعق بالمستوى الثالث والذي تقول فيه الوكالة بأنها قد رفعت نسبة التكاليف من 50% إلى 60% فهذا يحتاج إلى تدقيق ومراجعة، إذ أن كثير من الخدمات التي كانت تقدم للمرضى مجانًا في المستوى الثاني قد تم إلغاؤها وتحويلها إلى المستوى الثالث، في هذه الحالة سيدفع المريض تكاليف الاحتياجات العلاجية المرافقة مثل الصور المغناطيسية والصور الطبقية وغيرها والتي أُخِذت من المستوى الثاني، فأين هي المنفعة؟!
ورابعًا وعن أن تلك السياسة مطبقة "عينها" في كل من فلسطين وسوريا والأردن، فإن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي استثنائية بشهادة "الأونروا" نفسها نتيجة للمسح الاقتصادي والاجتماعي للعام 2010 وزاد الأمور مأساوية وجود حوالي 40 ألف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا، عدا عن أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان محروم من خدمات القطاع العام من الاستشفاء والتعليم بخلاف أوضاع اللاجئين في مناطق عمليات "الأونروا" الأربعة ووجه الشبه غير مقبول علميًا على الإطلاق، فأين هي المنفعة؟!
اتخذ اللاجئون الفلسطينيون في لبنان قرارًا بعدم العودة عن المطالبة بتراجع "الأونروا" عن التقليصات الصحية التي هي الآن في مقدمة المطالب، لكن منهجية التصعيد الاحتجاجي والسلمي أخذت بعين الاعتبار التقليصات الأخرى مثل التعليم والإغاثة... وهذه مطالب مشروعة ومحقة، ونتائج زيارة المفوض العام حتمًا تنذر بالمزيد من التصعيد..!
علي هويدي
كاتب وباحث في الشأن الفسطيني
بيروت في 12/2/2016