­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

العقدة السنية بين التجاذبات الداخلية والخارجية ودخول المجهول

غير ان العامل اللافت الذي برز غداة كلام الرئيس عون في الذكرى الثانية لانتخابه واتخاذه موقفاً سلبياً من هذه العقدة التي وصفها بأنها "تكتيك يضرب استراتيجيتنا الكبيرة"، تمثل في اتساع الانطباعات والمخاوف من ان تكون آخر الأزمات المفتعلة في طريق انجاز الرئيس المكلف سعد الحريري مهمته وفرملتها قد اكتست لباساً داخلياً سمي عقدة تمثيل النواب السنة لفريق 8 آذار، فيما يخبئ هذا التطور بتوقيته وظروفه امتداداً أوسع يذهب في اتجاه ربط عملية تأليف الحكومة بالصراع الاميركي - الايراني عشية اطلاق الادارة الاميركية رزمة عقوبات اقتصادية صارمة على ايران.
ولعل ما يثير القلق فعلاً في المشهد الداخلي ان شبه شلل شامل ضرب مجمل المحركات السياسية وقنوات الاتصال والمشاورات بما يعكس نفاد الوساطات أو جمودها أمام معطيات لا تستبعد تمدد الأزمة على الأقل الى أسابيع ما لم تظهر مؤشرات مفاجئة تبدد هذه المعطيات القاتمة.
ومع سفر الرئيس المكلف سعد الحريري أمس الى باريس في زيارة خاصة، بدت بعض الاوساط كأنها ترصد تحركاً فرنسياً قريباً ربما اتصل بمسعى لاعادة حض القوى الاقليمية المعنية ولا سيما منها ايران على "تحرير" الاستحقاق الحكومي وتسريع تشكيل الحكومة التي تطالب فرنسا بالحاح بضرورة تشكيلها لاطلاق الآليات التنفيذية لمقررات مؤتمر "سيدر" في دعم لبنان.
وعن عدم التحاور مع النواب السنة لفريق 8 آذار قالت المصادر في بعبدا: "أهلاً وسهلاً بهم متى طلبوا موعداً، لكنهم لم يطلبوا، وسيقول لهم رئيس الجمهورية بصراحة رأيه وانه يجب التفاهم على حل وسط لأن الرئيس المكلف لن يوقع مرسوم حكومة فيها واحد من النواب الستة، ورئيس الجمهورية كان واضحاً بأنه لن يكسر رئيس الحكومة".
وعن ملاقاة الرئيس عون بتسهيل قيام حكومة العهد، قالت هذه المصادر إن "علاقة الحزب برئيس الجمهورية علاقة تحالفية قوية ممتازة، ومثلما نتفهم وجهة نظره نعتقد انه هو ايضاً يتفهم وجهة نظرنا. انما نحن لنا رأي نختلف معه فيه في موضوع تمثيل السنة المستقلين".
وعن امكان ايجاد تسوية، قالت المصادر: "اسألوا السنة المستقلين عن التسوية، لأنها ستكون معهم، اما الحزب فمتمسك بأن يكون هؤلاء ممثلين داخل الحكومة"، مستغربة "كيف لا يجلس معهم أحد ولا أحد يحاورهم لا رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية ولا اَي أحد آخر".
في المقابل، اطلق وزير الداخلية نهاد المشنوق من البقاع مواقف من أزمة التأليف وتعقيداتها الاخيرة اكتسبت دلالات بارزة لجهة اظهار المناخ السلبي الذي يتفاعل حيال عرقلة مهمة الرئيس المكلف. وقال المشنوق في هذا السياق إن "الخزان الكبير الذي اسمه المسؤولية الوطنية لدى أهل السنة بدأ ينفد، بعدما تعرض للاستنزاف حتى لا أقول للابتزاز. فلسنا وحدنا المسؤولين والمعنيين بالميثاقية، ولسنا وحدنا أم الصبي، فكيف إذا عوملت الأم بطريقة سيئة، ليس أكيدا بعدها أن يبقى الصبي على قيد الحياة لنحرص عليه".
وأضاف: "لن نكون كاريتاس سياسياً، وكما علينا واجبات فلنا حقوق، ومن غير المقبول أن تصبح رئاسة الحكومة وحدها مركز خبرات لتفكيك العبوات السياسية وإزالة الألغام المتتالية التي تتكاثر يوما بعد يوم". وذهب الى القول: "حسابنا هو الحساب الوحيد المفتوح والكل يريد أن يغرف منه، وقد وصلت الأمور إلى مكان حيث يجب أن يعاد النظر في كل القواعد المفتعلة، رغم تأكيدنا أننا أهل دولة وأهل عيش واحد، ولا شيء ندعو إليه، لا بأفكارنا ولا في نفسيتنا ولا في تربيتنا غير الدولة، لكن في الوقت نفسه ليس اختصاصنا وحدنا أن ننقذ المعادلة الوطنية، فمن دون شراكة فاعلة وحقيقية من الآخرين لا يمكن أن ننقذ هذه المعادلة". (النهار)
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان سفر الرئيس الحريري المفاجئ إلى باريس، في زيارة خاصة، تعني ببساطة، ان محركات تأليف الحكومة جمدت أو أعطيت "اجازة اجبارية"، وان لا حل في الأفق، أقله في الأيام المقبلة، لعقدة تمثيل النواب السنة من 8 آذار، فيما انصرف "حزب الله"، بعدما باتت الكرة في ملعبه، إلى تقييم الوضع، لا سيما بعد موقف الرئيس ميشال عون برفض تمثيل هؤلاء النواب باعتبار انهم "فرادى وليسوا تكتلاً أو مجموعة"، إلا ان معظم أركان الحزب غابوا عن السمع، في حين كانت تجرى اتصالات "بالواسطة" مع الرئيس عون لإيجاد المخرج اللائق والممكن لهذه العقدة، بما يضمن الإسراع في تشكيل الحكومة، في وقت ذكرت مصادر المعلومات ان الرئيس عون لم يُقرّر بعد من سيكون الوزير السني من حصته، علماً ان الوزير الدرزي الثالث لن يكون من حصة رئيس الجمهورية، بل هو متفق عليه بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، ما يعني انه ستكون للرئيس عون حصة من أربعة وزراء، عدا الوزير الدرزي الثالث، بينهم مسيحيان وسني والوزير الرابع غير معروف بعد. (اللواء)
هؤلاء النواب لم يكونوا ليتوقعوا أن الحكومة يمكن أن تقف على تمثيلهم. مع ذلك، فهذا أمر يحسبونه لحزب الله، الذي يجدونه متمسكاً بحقهم في التمثيل. حتى اللحظة، يبدو أن الحزب "ارتكب خطأ تكتيكياً". فسياسة التفاوض "السري" التي سبق أن جرّبها مع وسطاء إطلاق الأسرى من معتقلات العدو، تبدو غير ذات فاعلية في الداخل اللبناني. فالعلنية جزء من أسلحة المعركة.
فحتى حلفاؤه الذي يخوض معركة توزيرهم الآن، سبق أن سلموا أنهم لن يكونوا جزءاً من الحكومة. في 15 تشرين الأول الماضي، كان النائب فيصل كرامي صريحاً إلى أبعد الحدود في حديثه عن "حرماننا من حقنا الطبيعي في التمثل حكومياً على مرأى ومسمع من فريقنا السياسي".
وإذا كان حزب الله لم يُبشر حلفاءه بالخير، فقد كان ذلك واضحاً عند كل من يتابع تشكيل الحكومة: العقدة السنية لن تكون عقبة في وجه التشكيل. حتى الرئيس نبيه بري كان، حتى نهاية الأسبوع الماضي، يبشّر بقرب ولادة الحكومة، ويجيب سائليه بأن تمثيل "سنة 8 آذار" لن يكون عقدة. كما لم يكن وزير الخارجية جبران باسيل يصدّق، فجر الاثنين الماضي، بأن مصير الحكومة متوقف على مقعد حكومي لـ"سنة 8 آذار". (الأخبار)

الجمعة 2 تشرين الثاني 2018