الرياشي في ندوة الإقطاع وهامش التغيير: مع رمزي سلامة عشنا معارك كسروان وكأننا في زمانها
ماري خوري وبشارة أبي راشد
إعتبر وزير الإعلام ملحم الرياشي، في كلمةٍ ألقاها في ندوة "الإقطاع وهامش التغيير" انطلاقًا من رواية "جمهورية الفلّاحين" للكاتب رمزي سلامة، من ضمن سلسلة ندوات لدار سائر المشرق، "أن الرواية مقاربة فريدة لمعرفة متراكمة عن ثورة حدثت يومًا في التاريخ كان بطلها طانيوس وكفى. إن الرواية الواقعية التي نعيش، هي بحاجة لتقييم الواقع أكثر ووقف حالة التجويف للقيم والمفاهيم وضبط حال التسخيف للعقل والتسطيح للفكر. حوّلتنا رواية حياتنا اليومية إلى مجموعة جهلة يتعلّقون بالسطحي من الأشياء ويعملقون الأحداث على وقع التواصل الاجتماعي وآراء العامة، فصرنا نخشى على المستقبل كما يخشى الجاهل ثلجًا في الصيف أو مطرًا في زمن الحصاد".
وقال: "قصّة على طريقة كونديرا بدأها رمزي سلامة بالزيارة التقليدية لفلّاحٍ كسرواني أتى ليقدّم الطاعة والهدايا للإقطاعي الشيخ فرنسيس الذي أذله وأجبره على خلع حذائه الأحمر وطربوشه، ونهره وطرده ليعد خائبًا وليظل "يتمقطع به" وبأهله وبجميع الفلّاحين الذين كانوا "يشتهون العضة في الرغيف" ويأكلون من فضلات الإقطاعيين، وهذه الحالة كانت تعمّ جبل لبنان وكسروان وكلّ لبنان، ولكن سلامة يتحدث عن انطلاق ثورة الفلّاحين من كسروان يوم طفح الكيل وانتفض الفلّاحون على أسيادهم بدعم الكنيسة التي كان معظم أسيادها من طبقة الفلّاحين ومتعاطفين مع القضية، رغم أنه في بعض الأحيان كانوا ولتوفير الدم يطالبون بمسايرة من هنا و"فك الشر" من هناك".
أضاف: "جمهورية الفلّاحين، جمهورية وهمية، قد تكون مدينة فاضلة، لفتت أنظار القنصلية الفرنسية، السلطنة العثمانية، وكانت أول جمهورية للفلّاحين، في الشرق الأدنى مما جعل تضحيات الفلّاحين، الذين قتلوا ظلًما على يد إقطاعيٍ بسبب التنازع على فتاة بمثابة "أكلة محلي" أمام الظلم والمهانة، وبؤس العيش الذي كان يعانيه أهالي منطقة كسروان عام 1858 وهو تاريخ اندلاع الثورة".
وتابع: "باز شهيد الحب، الياس الأوروبي الذي بذل كلّ جهوده لدحر الإقطاعيين، كلّ "شيوخ شباب" منطقة كسروان الذين شاركوا في تحرير أهاليهم، من جور الإقطاعيين طانيوس شاهين المتقاعد أو، غير المبالي بالقضية، في بدء الثورة والذي أصبح قائد الثورة وصاحب الكاريزما والذي التفّ حوله أهالي كسروان ووصل رجاله إلى جونية وبيروت يفرضون احترامهم لمناصرة القضايا المحقّة، كلّ هذه الأمور عالجها سلامة بأسلوبٍ مصوّر لم يستعمله قبله سوى الكتّاب الروس، أمثال دوستويفسكي".
وقال: "مع رمزي سلامة عشنا معارك كسروان وكأننا في زمانها، أخذنا إلى الجبل وخلافات المسيحيين والدروز. تنتابك أثناء القراءة مختلف أنواع المشاعر من حزن، فرح، ثورة، اشمئزاز، وطنية، فخر، انتصار، وخصوصًا تشعر بأنك طالب تاريخ يريد النهم من الأحداث، التي مررنا عليها مرور الكرام أثناء دراستنا لثورة الفلّاحين".
وأشار إلى أن "الفنلندي ميكا فالتاري أخبرنا في كتابه "سينويه المصري" عن معاناة شابٍ من عامة الشعب، أراد الاقتران بنبيلة، فأصابه ما أصابه من الذل والعار والنفي، وكان فالتاري إلى جانب قصّة الغرام يستعرض تاريخ مصر وكلّ ما كان يتمتع به الفراعنة في مختلف المجالات من عمرانٍ وطبّ. وهكذا برع سلامة في عرض تاريخ ثورة الفلّاحين وأحداثها التاريخية بموازاة قصّة حبّ، جمعت أحد الفلّاحين (الياس) بفتاةٍ إقطاعية (أديل) مما يجعل كتابه متعة لقارئ الرواية".
حرب
أما الكاتب والباحث في العلوم السياسية مروان حرب، فقال: "في لبنان، لا وجود لإقطاعٍ بالمعنى السياسي، بل هناك اقتطاع بمعنى الاحتكار. والاقتطاعيون في لبنان ليسوا فقط من العائلات السياسية بل يمكن أن يكونوا من القطاعات الاقتصادية والتجارية والإعلامية والأمنية ودور الدولة مفتت بين كلّ هؤلاء الإقطاعيين".
سلامة
وأعلن كاتب الرواية سلامة أن هدفه عند كتابة الرواية "هو واقع الإنسان الممهور بالصراعات والنزاعات، فالإنسان لا يعرف أن يعيش بسلام، وهذا خلق عدة أنواع من السيطرة أساسها أنانية الإنسان وحبّه ليكون الأفضل والأقوى. أبطال التاريخ هم الفلّاحون الذين قتلوا الآلاف، أما اأابطال الحقيقيون فهم الناس العاديون الذين بنوا ما تهدّم".
يذكر أن الندوة التي عقدت في قاعة ريمون روفايل في المجلس الماروني العام أدارتها الإعلامية بارعة الأحمر.
ماري خوري وبشارة أبي راشد/الوكالة الوطنية للإعلام
الخميس 2 آب 2018