أتحدّاكم: حكومة سليماني هي الحلّ
عقل العويط
صدِّقوني، أيها الناس. لم يعد نافعًا التكاذب العلني المكشوف والصفيق والممجوج والخسيس بين الأطراف اللبنانيين، في مسألة تأليف الحكومات، وخصوصًا تأليف هذه الحكومة بالذات، الموسومة بأنها ستكون حكومة العهد الأولى.
صدِّقوني، لن تكون الحكومة الموعودة –إذا أمكن التوصل إلى تأليفها- إلّا نسخةً طبق الأصل عن هذه الطبقة السياسية الملعونة التي لا تفهم إلّا بمنطق التقاسم. فالدولة التي تقبل بأن تقوم ركائزها ومؤسّساتها على مبدأ توزيع الحصص، لا على أساس القانون، من الطبيعي أن "تتكالب" الأحزاب والتيارات فيها، لتأمين هذا المنطق، الذي أصبح حقًا مكتسبًا، بالاستناد إلى السوابق. لقد ولدت هذه الطبقة السياسية على هذا الأساس، ثمّ نمت، وترعرعت، وشبّت عن الطوق، وكبرت، وترسّخت جذورها، ولم يردعها لا الدستور، ولا القانون، ولا الذين يفترض بهم أن يكونوا حرّاسًا ساهرين على تداول السلطة، وعلى المراقبة والمساءلة.
صدِّقوني، وحده الحكْم–الحَكَم، كان يستطيع أن يفعل ذلك، باعتباره أمينًا على الدستور. لكن عندما يكون الحكْم طرفًا وفريقًا، فيطالب بالحصص، مثله مثل أيّ حزب وتيّار ومذهب وطائفة، لا يعود في مقدوره تدبير الانتظام العام في عمل السلطة والدولة. ففي حالٍ كهذه، ينفلت الملقّ، وها هو فالتٌ، وعلى عينك يا تاجر.
البلاد على شفير الهاوية، والناس طفح كيلهم. لم يعد جائزًا الاستمرار في الكباش بين هؤلاء الأطراف الميليشيويين المذهبيين الطائفيين، وكأن البلاد ملكٌ سائبٌ لهم، كما لم يعد مقبولًا تحميل لبنان واللبنانيين الفقراء الأوادم، أكثر من القدرة على التحمل.
لقد جرّبوا تبويس اللحى الإقليمية، السورية، الإيرانية، السعودية، ومعها اللحى الدولية، فلم نحصد إلّا الوبال. وكنا ننتظر الحلول –يا للسذاجة!- في الانتخابات. لكن الاستفتاء الانتخابي "الديموقراطي" الغاشم والملغوم والمفخخ لم ينجب إلّا مسوخًا، على صورة الصوت التفضيلي المشؤوم. وكنا ننتظر قيام معارضة هادرة، نقية، رؤيوية، طليعية، صاحبة مشروع تغييري، علماني، مدني، لكن هذه المعارضة ولدت ميتة قبل أن تبصر النور.
صدِّقوني، أيها الناس، لا ينفع إلّا الكيّ. فما هي طبيعة هذا الكيّ؟
في غياب المعارضة التاريخية، وفي أحوالٍ كابوسيةٍ كهذه، ليس على أصحاب الحلول الكابوسية الاستعلائية، وإن تكن ظلاميةً، سوى أن "يفرضوا" حلولهم. فليفكّروا جيّدًا في تصريح قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، حول فوز "حزب الله" وحلفائه بـ74 نائبًا في المجلس الجديد. فلِمَ لا تتألف حكومة بهذه "الأكثرية" الميمونة، وليأخذ الحكم والعهد الحصة التي يريدها فيها، وحبّة مسك؟!
أتحدّاكم، حكمًا وأطرافًا سياسيين: حكومة سليماني هي الحلّ!
عقل لعويط/النهار
الثلثاء 3 تموز 2018