­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

ما يجمع التيارين أكثر مما يفرقهما

يلاحظ المراقبون السياسيون، أن مركب العهد يسير بتناغم وانسجام كبيرين بين "أفراد طاقمه"، لاسيّما بين طرفيه الأساسيين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل. وقد يعزو البعض هذا التناغم إلى اتفاق إقليمي انعكس على الداخل اللبناني أو إلى تفاهم أُرسي قبل انطلاقة العهد. وقد يكون الأمر صحيحاً ولكن من المؤكد أن سبب هذا التفاهم انسجام عقلي ونفسي نسجته ظروف متشابهة، بنت شخصية المحازب "العوني والمستقبلي"، التي تكاد تكون هي نفسها، بحسب ما أظهره لي كتاب قرأته حول "الالتزام الحزبي في لبنان: مقاربة نفس- سياسية"، الجزء الأول، دار سائر المشرق، بيروت، 2015، للمؤلّفتين الدكتورة منى الباشا والدكتورة بولا كلّاس القزي، حيث تقوم هذه الدراسة بالتعمّق في دراسة الأسباب النفس-سياسية التي تحث الفرد على الالتزام الحزبي في الدرجة الاولى، واختيار الحزب في الدرجة الثانية. وقد سعت هذه الدراسة أيضًا إلى اكتشاف "بروفيل" الحزبي تمهيداً لوضع تصنيف لشخصية المحازب اللبناني أسوة بالدول الغربية. وقد قامت الباحثتان بدراسة ميدانية على عينة من المحازبين في التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل.
ويلاحظ القارىء من خلال قراءته للكتاب مدى التقارب بين محازبي التيار والمستقبل، وقد أظهرت الباحثتان هذا التقارب في المواقف والآراء السياسية من خلال الأرقام والنسب التي بيّنتها هذه الدراسة. فهناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما، لاسيما لناحية الدوافع النفسية التي تحث الفرد على الانتساب للحزب كالتأثّر بالمناخ العائلي. كما يُظهر البحث أيضاً أن من الأسباب التي حثت المستطلَعين على الانتساب الحزبي إعجابهم "بشخصية القائد" بنسبة 71% ، والنظرة المشتركة للأولويات في الحكم والتي تتجلّى في عناوين كبرى تبدأ بمصالحة اللبنانيين وتنتهي بالديموقراطية والتأكيد على المحافظة على الحريات واحترامها ، بالاضافة إلى الاهتمام بمعالجة الهموم المعيشية والاجتماعية (31% التيار الوطني الحرّ و34% تيار المستقبل) ، ما يؤكد على أن اهتمامات المحازبين هي واحدة ، إذ تشكّل هذه الاهتمامات برنامج عمل الحزب في حال وصوله إلى السلطة.
وبالنسبة إلى دور الأحزاب في المشاركة السياسية تُظهر الدراسة أيضاً تقارباً بين مواقف الحزبيين، حيث يتجلّى هذا التقارب في موقف المستطلعين من الالتزام الحزبي ودوره في الحياة السياسية، فقد استخدم المستطلَعون التعابير نفسها وجاءت النسب متقاربة جداً: "الالتزام هو وسيلة للتغيير والتطوير" 63% التيار الوطني الحرّ و49% تيار المستقبل، "الالتزام السياسي يسهّل المشاركة في الحياة السياسية" 25% تيار الوطني الحرّ و37.2% تيار المستقبل .
في الواقع، تعكس هذه الأرقام وتبيّن أن انسجام أقطاب العهد وتفاهمهم السياسي تمتد جذوره في هيكلية شخصية المحازب (Profile) واهتماماته السياسية والاجتماعية، أكثر مما هي تفاهمات آنية فرضتها مصالح ضيقة. وما يجمع محازبي التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل أكثر مما يفرّقهما على مستوى المبادىء والأفكار السياسية التي تزخر بها الحياة الحزبية.
ولا بد من الإشارة في هذا السياق، إلى أن هذا الانسجام بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وفريقَي عملهما يطمئن اللبنانيين ويشعرهم بأن البلد، على الأقل في المديين القريب والمتوسط، في منأى عن الخضّات السياسية التي عشناها طوال فترة الفراغ الرئاسي وصولاً حتى 2005، حيث كان البلد يعيش حالًا من الصراع والأزمات السياسية. ومن شأن هذا الاستقرار السياسي والوئام بين القيادات اللبنانية أن ينعكسا إيجابًا على الوضع الاقتصادي استقراراً وتحسناً، كما يظهر من أولى المؤشّرات على صعيد الحركة السياحية عبر زيادة أعداد الوافدين إلى لبنان.
بناء على ما سبق، فإن ما يظهر وما يمكن توقّعه هو أن الانسجام حال مرشحة للاستمرار على اعتبار إن ما يجمع التيارين أكثر بكثير مما يفرقهما، فعسى أن تصب في مصلحة لبنان واللبنانيين ونهوض الدولة ومحاربة الفساد وتحقيق سائر الشعارات التي نادى بها كلّ من التيارَين في السنوات الأخيرة.

في هذا الإطار تنظّم دار سائر المشرق، يوم الخميس في 25 كانون الثاني 2018، ندوة حول الالتزام الحزبي في لبنان، يُشارك فيها النائب في تكتّل الإصلاح والتغيير سيمون أبي رميا والنائب السابق الدكتور مصطفى علّوش ويديرها الأستاذ جوزيف بشارة. وذلك في قاعة ريمون روفايل (الطابق الثالث) في المركز الماروني العام-المدوّر. الساعة السادسة والنصف مساءً.
الأربعاء 26 تموز 2017