­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

ولادة علم من أعلام الإبداع اللبناني

شربل شربل

في مثل هذا اليوم، السادس من كانون الثاني، من العام ١٨٨٣، ولد لنا جبران خليل جبران، في بلدة بشرّي.
لا أتناول هذا الحدث لأكتب بحثًا عن جبران، فالأبحاث كثيرة.
ولا أتناوله لأكشف جديدًا من المعلومات قد يكشح بعض الغموض الذي يعتري مناحيَ عديدة من سيرته وأدبه.
ولا أتناوله لتسليط الضوء عليه خوفًا من الإهمال والنسيان، فمازال أدب جبران شعلة نور متّقدةً، لمن ينظر ويرى .
ولكنّني أتناوله لأقول لجبران شكرًا على مروره في حياتي.
شكرًا لك ياجبران " الأجنحة المتكسّرة" لأنّك، بإسقاطك القناع عن وجوه الإقطاع الدينيّ والإقطاع الاجتماعيّ، علّمتني أن أجاهر بالحقيقة، وألّا أستسلم لما يظنّه الضعفاء قدرًا مقدورًا؛ ولأنّك رفضت عبوديّة المرأة وسَوْقها في منعرجات الحياة خلافًا لإرادتها. ولأنّك مجّدت الحبّ وأنزلته المنزلة اللائقة به، فقد أعليت شأن المرأة في نظري، ودفعتني إلى احترام الحبّ وإعلاء شأنه في نفسي وحياتي.
شكرًا لك يا جبران "العواصف، والأرواح المتمرّدة، وعرائس المروج"، لأنّك أعلنت الثورة على ما بلي من المعتقدات، وما رثَّ من الأساليب، وما تعفّن من الثوابت، فكرّهتها إليّ، وجرّأتني عليها، فما أخذت بها يومًا، ولا أقمت لها وزنًا، ولا روّجتها مرّة.
شكرًا لك يا جبران" دمعة وابتسامة، والبدائع والطرائف"، لأنّك لوّنت الأدب العربيّ بأجمل الصور البيانيّة، وأشرعت باب الخيال على مصراعيه، وأدخلت هواء جديدًا، نظيفًا، إلى الأسلوب الأدبيّ يحمل بصماتك التي انطبعت في نفسي ممزوجةً بلوحات الطبيعة اللبنانيّة التي لم تفارق خيالك.
شكرًا لك يا جبران " المواكب" لأنّك أقمت فيها مقارنة ما بين عالم الواقع الحافل بالأضداد من فرح وحزن، غنًى وفقر، خير وشرّ، وعالم الحلم أو الغاب، حيث تستوي الأضداد، فأقنعتني بألّا أقصر النظر على جانب من دون الآخر، وبأنّ من لا يحلم بالمستحيل لا يحقّق الممكن.
شكرًا لك يا جبران "النبيّ"، الذي كتبته بلغة شكسبير وحرمت قرّاء العربيّة من قراءته بقلمك، لأنّك بلغت به أعلى ذرى الإبداع، فقد حملتني على إدمان التأمّل في أعمق موضوعات الحياة، والنظر إلى جوهرها، واعتبار المثلّث" العمل والمحبّة والعطاء"، خارطة طريق لا التواء فيها، ولا ندم يعتري سالكها.
شكرًا لك يا جبران"لكم لغتكم ولي لغتي"، حيث أعلنت تفرّدك، فقد زرعت فيّ القناعة بأنّ اللغة كائن حيّ يمدّه المبدعون، لا القاموسيّون، بنسغ الحياة والتجدّد.
شكرًا لك يا جبران" لكم لبنانكم ولي لبناني"،فقد علّمتني أنّ لبنان رسالة وكنزٌ إنسانيّ، وقطعة سماء على الأرض، ولكنّ اللبنانيّين كسالى ومتراخون، ومقالتك ما زالت، بعد مئة عام، طازجة تنبض بالحياة والعبر.
شكرًا لك يا جبران"الجبابرة" فقد قلت" ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب"، فأفهمتني معنى الالتزام وأخلاقيّته.
شكرًا لك يا جبران" المحبّة"، فقد علّمتنا صلاة غير طائفيّة.
شكرًا لك يا جبران لأنّك زرعت في نفسي حبّ الجمال، وروعة الفنّ، وبذار الثورة، وإرادة العمل والتخطّي، وأذقتني حلاوة الانفتاح، وعلقم الانغلاق ، ونشوة التذوّق...
جبران،" أعطني الناي وغنِّ"، لا فُضّ فوك.

شربل شربل 

6 كانون الثاني 2018