حجة الفدرالية، أول شتوة بالشتوية!

ليس من المستغرب بأن تمطر السماء في لبنان على أبواب الشتاء، وليس كذلك من المستغرب بأن تطوف الطرقات في وطنٍ تتحكم به المحاصصة السياسية وتغيب عنه جميع معالم الإنماء وصلاحيات الحكم المحلي للمناطق، إلا تلك التي تلقفها بعض من شبعت عينه من بيت أهله وإبيَضَ كفُه في زمنٍ أصبحت السُلطة في لبنان مرتعًا لسلب لقمة عَيش المواطن أينما وُجِدَ المسؤول، إلا من رحم ربي. هذا الواقع المؤلم يعطينا مباشرةً مشهد يتكرر في كل عام عند أول شتوة في لبنان، حيث تغرق أكثر المناطق اللبنانية بالمياه وذلك لسبب أكثر من طبيعي أيضًا، ألا وهو عدم تنظيف القنوات التي تسير فيها المياه أو عدم إستغلال المياه بسبب عدم وجود آليات لتخزين المياه بشكلٍ أو بآخر.

أما الجديد هذا العام فهو أزمة النفايات التي فرضت نفسها هذا العام إلى جانب أزمات الوطن المشابهة كالتجديد للمجلس النيابي، عدم انتخابات رئيس للجمهورية، أزمات الفساد في الكهرباء والهاتف وأموال البلديات وغيرها وغيرها وكذلك غيرها من الأزمات التي تنال مباشرةً في لقمة عيش المواطن. نظرًا لهذا الواقع الذي تخوضه البلاد في موضوع النفايات، يكون من البديهي جدًا بأنَّ أول شتوة لهذا العام ستخلق بحرًا من النفايات يجول المناطق التي تشهدها الأزمة، هذا إذا أردنا أن ننظر إلى الأزمة ن باب الإنماء والمنطق الذي يرافق بناء الدُوَل الحضارية.

أما الأمر المُلفت على مواقع التواصل الإجتماعي فكان تداول البعض لصُوَر تُقارن بها بين ما حدث بعد أول شتوة في المناطق التي لم تُسحب منها النفايات (بيروت وجبل لبنان) مع زحلة النظيفة تحت عنوان: "وتبقى مدينة زحلة المثل الأول والأمثل لتطبيق الفيدرالية في لبنان. صورة مخصصة لكل من يعتبر الفيدرالية تقسيم". هذا العنوان العريض يُظهر وجهان لعملة الفدرالية الواحدة، الأول هو غياب طرح حقيقي لمشروع الفدرالية التي هي فعلًا تقسيم وضرب للكيان، أما الثاني فكان ما وصلة إليه المرحلة الحالية والتي جعلت أول شتوة بالشتوية، حجة للفدرالية!

د. زكريا حمودان

الأربعاء 28 تشرين الأول 2015