­

Notice: Undefined index: page in /home/lbnem/domains/monliban.org/public_html/monliban/ui/topNavigation.php on line 2

مصلحة جميع اللبنانيين

المحامي توفيق معوض

يفتّش اللبنانيون منذ سنين عديدة عن أفضل قانون انتخابي لتطوير حياتهم السياسية وتأمين استقرار سياسي لوطنهم انطلاقًا مما نصّ عليه اتفاق الطائف.
وقد دار الخلاف منذ مطلع السبعينات حول تقسيم الدوائر وطريقة الاقتراع، خصوصًا بعدما أنتج تطبيق الطائف في ظل الوصاية السورية تكتلات سياسيّة كبيرة يفتقد بعضها للشرعيّة الشعبيّة بمعنى قبول الناس وليس إذعانهم.
لذلك يتطلّع السياسيون من مقدّمي كلّ مشروع إلى ما يمكن أن يحقق لهم لجهة عدد النواب المعبّرين عن آرائهم ومواقفهم ومطالبهم. فيما تقارب الكتل النيابية موضوع الانتخابات من زاوية مصلحتها الخاصة حصرًا وعدد المقاعد التي بإمكانها أن تحصل عليه في مختلف مشاريع القوانين المقترحة.
إن الرابطة المارونية غير الممثلة في البرلمان والتي تعتبر أن مصلحة الموارنة والمسيحيين تتأمّن متى تأمنت مصلحة جميع اللبنانيين من دون استثناء، قاربت موضوع الانتخابات من منطلق جامع وهي تؤكّد أن همها الوحيد من الاقتراح الذي تقدّمت به تمثيل جميع المكونات الطائفية وجميع اللبنانيين بعدل ومساواة.
إن أبرز أهداف المشروع الانتخابي المقترح تأمين المشاركة السياسية لأطياف المجتمع اللبناني كافة، وطمأنة الأقليات الخائفة، وتأمين مصالح المواطنين، وبناء حكم قادر، وزيادة فرص المسائلة، واستعادة التعددية داخل الطوائف والمذاهب والتخفيف من حدة التكتّلات المذهبية وتأمين الميثاقيّة الطائفيّة والوطنية.
وباعتبار أن جوهر الخلاف يدور حول تقسيم الدوائر وطريقة الاقتراع فقد حصرت الرابطة اقتراحها حول هذا الشق، لاسيما أن الأحكام العامة الواردة في قانون 2008 تبقى سارية المفعول.
وفي هذا السياق، تقترح الرابطة المارونية اعتماد الأسس والمبادئ الآتية:
1- الإبقاء على جدول توزيع المقاعد النيابيّة على المناطق وعلى الطوائف كما هو محدد في قانون 2008.
2- تصنيف الدوائر الانتخابية وفقًا لعدد المقاعد:
أ‌- في الدوائر المخصص لها من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد يعطى الناخب الحق بالتصويت لمرشح واحد فقط بصرف النظر عن انتمائه الطائفي.
- ويبلغ عدد الدوائر في هذه الحالة بالذات 11 دائرة ينتخب فيها 30 نائبًا وهي محددة كالتالي: صيدا - بنت جبيل - النبطية - قرى صيدا – بشرّي - المنية الضنية – زغرتا - الكورة – جبيل – البترون – جزين.
ب‌- في الدوائر المخصص لها من أربعة إلى ستة مقاعد، يُعطى الناخب الحق بالتصويت لمرشحين إثنين ومن طوائف مختلفة. ويبلغ عدد الدوائر في هذه الحالة 8 دوائر ويُنتخب فيها 40 نائبًا.
وهي محدّدة كالتالي:
- بيروت الثانية - بيروت الأولى - البقاع الغربي راشيا – بعبدا - صور - مرجعيون حاصبيا - عاليه – كسروان.
ج- في الدوائر المخصص لها من سبعة إلى عشرة مقاعد، يُعطى الناخب الحقّ بالتصويت لثلاثة مرشحين ومن طوائف مختلفة.
ويبلغ عدد الدوائر في هذه الحالة 7 دوائر يُنتخب فيها 58 نائبًا.
وهي محددة كالتالي:
- طرابلس - بيروت الثالثة - زحلة – الشوف – المتن - بعلبك الهرمل – عكّار.
المجموع: 26 دائرة.


ما هي محاسن هذا النظام؟
1. يحترم البند "ج" من الفصل الثالث من الباب الأول من وثيقة الوفاق الوطني، أي ضمان العيش المشترك وصحة التمثيل لشتّى فئات الشعب وأجياله وفعالية هذا التمثيل.
2. يحافظ على وحدة الأرض والشعب والمؤسّسات.
3. يحسّن تمثيل الناخب، ويدفع المرشّح إلى التواصل المباشر مع الناخب، ويؤدّي إلى وصول النوّاب بقدرتهم الذاتية، إضافة إلى دعم حزبهم أو تكتّلهم.
4. يدفع الأحزاب ورؤساء الكتل إلى تحسين مواصفات المرشّحين في كلّ المناطق.
5. يرجّح الخطاب الوطني للمرشّح عبر رغبته في إقناع جميع المواطنين على اختلاف طوائفهم في منطقته، لا سيما أنّ معظم الأقضية فيها اختلاف طائفي.
6. يمحو شعور أي طائفة أو منطقة بالتهميش أو الغبن بسبب طغيان أكثريات طائفية على أقليات معيّنة، كما يخفّف الكباش الطائفي والمذهبي في الدوائر المختلطة.
7. يضمن حفاظ المرشّحين على خطاب الاعتدال باعتبار أنّهم سوف ينضمّون إلى تكتّلات متنوّعة في البرلمان، مما يسهّل تشكيل الحكومات بأكثريّة تحكم وأقليّة تعارض.
8. يعزز التعدّدية السياسية في كلّ طائفة، إضافة إلى تعزيز فرص الشباب والهيئات المدنية.
9. لا يستهدف التيّارات السياسية الحالية في معاقلها، وفي كلّ لبنان، بل يحثّها على تحسين نوعية التمثيل في خياراتها.
10. يفسح في المجال أمام الناخبين في الدوائر المتعدّدة الطوائف والمذاهب كي يختاروا مرشّحين من طوائف أو مذاهب أخرى.
11. يحترم الخصوصيّة التاريخيّة للقضاء كعامل جوهري في الهوية النيابية والإدارية. ذلك أنّ اللبنانيين، منذ عشرات السنين، اعتادوا على وجود هذا القضاء وعلى تراثه وعاداته، وهم متمسكون بهويته الجغرافية، قبل الطائفية. فالتعارف بين اللبنانيين يبدأ إجمالاً بالسؤال: من أيّ منطقة أنت؟ فحتى المهاجر يستمرّ مرتبطاً بقريته ومنطقته وقضائه الذي نأى عنه وهو يعرفه ويحبه.
12. يؤمّن الاستمرارية للنظام المناطقي والتقسيم الانتخابي المتبع.
13. يسهل فهمه من قبل المواطنين.
14. من شأنه أن يحفّز الناخب على الإقبال على الاقتراع إذْ يدرك أنّ لصوته أهمية، فيزيد في نسبة المقترعين.
15. يحترم مضمون وثيقة الطائف، طالما أنها نصّت على ضرورة إعادة النظر في التقسيم الإداري بالنسبة إلى قانون الانتخاب، وهذا ما يحترمه هذا النظام، بعد تحويل الأقضية الإدارية انتخابياً إلى محافظات.
إن من حسنات هذا المشروع أيضاً أنّه يساوي بين جميع الكتل السياسية لجهة عدم التنبؤ مسبقاً بنتائج الانتخابات.
كما أن هذا المشروع يشبه في الجوهر قانون الستين معدلًا لجهة طريقة الاقتراع مما يلغي عملية المحادل، كما يمكن للحكومة وللمجلس النيابي إقراره بسرعة، إذا قررت الكتل النيابية التفكير بقانون انتخاب يحرر الحياة السياسية من المأزق الراهن.
غني عن القول إن إقدام هذه الكتل على السير بالاتجاه الذي نقترحه والمطروح منذ سنوات عديدة ومن العديد من الشخصيات والفاعليات السياسية والفكرية والاجتماعية منذ أن طرحه الرئيس الراحل سليمان فرنجية سنة 1964، دليل على شعور القوى السياسية اللبنانية النافذة بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا جميعًا بكسر الحلقة الجهنمية التي من شأن استمرارها أن يهدد لبنان بالمزيد من المخاطر المتربصة به.


نائب رئيس الرابطة المارونية المحامي توفيق معوض
22 كانون الأول 2016