1958: القصة، الأسرار والوثائق، تأريخ لأحداث متواصلة
بيتر سلمون
إن كتاب "1958: القصة، الأسرار والوثائق"، الصادر عن دار سائر المشرق، يقدّم صورة شاملة عن أحداث ذلك العام في لبنان وارتباطها بالواقع الإقليمي المتشنج. يحتوي على مجموعةٍ من الوثائقَ والمراسلات التي تم تبادلها سواء بين الرئيس كميل شمعون والرئيس الأميركي أيزنهاور أو ما بين وزير خارجية لبنان شارل مالك ونظيره في الولايات المتحدة، وبين الأول وبعض رجال السياسة اللبنانيين. إضافة إلى ذلك، يكشف الكاتب عن مجموعة من الأسرار المهمة حول المرحلة التي سبقت اندلاع الثورة والتي تلتها، بالاستناد إلى مقابلات شخصية أجراها الصحافي اللامع عادل مالك مع مَن اعتبرهم "أبطال" تلك "الثورة"، مفنّدًا الأسباب التي أدت إلى اندلاعها من منظار هؤلاء، والتي يمكن تصنيفها بأنها داخلية وخارجية.
الأسباب الداخلية ما أشيع في حينه عن رغبة الرئيس كميل شمعون في تجديد ولايته وهذا أدى إلى موجة رفض من قبل المعارضة الخارجة مما يمكن اعتباره السبب الثاني للثورة وهو التزوير الذي حصل في الانتخابات النيابية التي جرت في السنة التي سبقتها والتي كانت نتيجته مدوية، إذ أدت على سبيل المثال لا الحصر إلى إسقاط الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في الشوف.
أما الأسباب الخارجية وهي الأهم، فقيام الوحدة ما بين الدولتين المصرية والسورية وتدخلهما في الشؤون الداخلية السياسية اللبنانية، وتشكيل الجمهورية العربية المتحدة نقطة جذب للعديد من الأوساط الإسلامية. هذا إضافة إلى الصراع بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، اللذين حاولا بدورهما ضم لبنان إلى معسكريهما. فمن جهة أرادت الولايات المتحدة أن تأخذ لبنان إلى أن يكون تحت المظلة الأميركية من خلال الدخول في حلف بغداد ومشروع أيزنهاور، ومن جهة ثانية أراد الاتحاد السوفياتي ضم لبنان إلى محوره.
وبين اختيار لبنان الرسمي بأن يكون البلد جزءًا من المشروع الأميركي في المنطقة وذلك من خلال طلب الحكومة اللبنانية والرئيس شمعون من أيزنهاور اعتباره تحت المظلة الأميركية، وبين المعارضة الرافضة للتحالفات التي يعقدها الحكم، وقعت أحداث عام 1958 التي انتهت بإنزال الجيش الأميركي على الشواطئ اللبنانية.
ولا يخفى عن القارئ أن أسباب اندلاع أحداث ذلك العام العام لا تختلف كثيرًا عن أسباب اندلاع أحداث العام 1975. ربما تغيّرت أسماء وتبدلت وجوه، لكن الخلفية قد تكون نفسها.
بيتر سلمون/مون ليبان
في 5-9-2016