مواقف الأطراف من تعيين الحاكم
سيرتّب البيان الضاغط لنواب الحاكم صراعًا خطيرًا واتّجاهات نحو خيارات قد لا يكون أيًا منها متاحًا ما لم يحصل توافق واسع على أيٍ منها علمًا أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكّد أنه مع «تعيينات الضرورة» وأن الضرورات تبيح المحظورات كما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يؤيّد الاتّجاه إلى تعيين حاكم للمركزي قبل نهاية ولاية سلامة.
ولعل العامل البارز في تردّدات بيان نواب الحاكم تمثّل في التمايز في موقف «حزب الله» عن موقف حليفه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، إذ أبلغ الحزب المعنيين أمس أنه ضد تعيين حاكم لمصرف لبنان في ظلّ الحكومة الحالية وأنه لن يحضر جلسة لمجلس الوزراء لتعيين حاكم وهو مع تسلّم النائب الأول للحكم مسؤولياته بعد انتهاء ولاية سلامة. (النهار)
وبانتظار بلورة المواقف والخيارات، فإن الاتّجاه الأقوى هو أن يصدر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل قرارًا بالتمديد الإداري لسلامة والبقاء في منصبه، لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي السياق، كشف النائب علي حسن خليل، في حوارٍ مع محطّة (M.T.V) بثّ ليل أمس، أن فريقه السياسي لن يقف بوجه تعيين حاكم مصرف جديد من قبل حكومة تصريف الأعمال، إذا حصل توافق سياسي على ذلك، لأن الأمر في المصرف المركزي سيكون خطيرًا من دون حاكم أصيل، مشدّدًا على أن فريقه أيضًا لا يمانع من أن يتولّى الوزير السابق جهاد أزعور حاكمية المركزي بالتعيين في مجلس الوزراء، مع الإشارة إلى أنه فوتح بالأمر، لكنه رفض هذا الأمر. (اللواء)
واعتبرت أوساط مواكبة لتطوّرات ملفّ مصرف لبنان أن البيان الصادر عن نواب الحاكم الأربعة «يندرج في إطار محاولة الضغط، خصوصًا على الكتل المسيحية، لتعيين حاكم جديد قبل نهاية ولاية سلامة في أواخر تموز الحالي». وقالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية» أن النواب الأربعة «يَتهيّبون على ما يبدو الموقف ويعرفون صعوبة المهمّة التي تنتظرهم في حال عدم تعيين حاكم أصيل للمصرف المركزي». ولكنها أكّدت استحالة تعيين حاكم في الفترة الفاصلة عن انتهاء ولاية سلامة في ظلّ وجود حكومة تصريف الأعمال واستمرار الشغور الرئاسي. ولفتت إلى «أن الخيار الاضطراري الذي ربما لا مفرّ منه في نهاية المطاف هو تسلّم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري صلاحيات سلامة».
إلى ذلك قالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ«الجمهورية» إنها فوجئت ببيان نواب الحاكم. وقالت إن مثل هذا البيان يفتح المجال أمام مجموعةٍ من التفسيرات غير المفهومة حتى اليوم في ظلّ ما تحتمله من مواقف وقراءات متناقضة،. واعتبرت أن الحديث عن تعيينات مستحيلة أمر لا يستقيم، فالضرورات ستحتّم على الحكومة اتّخاذ مواقف نهائية وضرورية قد لا يكون هناك أي مفرّ منها إن تطوّرت الأمور إلى مرحلة لا يمكن مواجهتها إلّا بمثل هذه القرارات فهناك كثيرًا مما كان مستحيلًا وقد صار أمرًا واقعًا. (الجمهورية)
وأوضح مصدرٌ مطّلع على الموقف الأميركي لـ«البناء» إلى أن «الأميركيين مستاؤون من الفراغ في الحاكمية ويتواصلون مع المعنيين لتفادي هذا الأمر لحرصهم على استقرار لبنان، لكن لا يتدخّلوا في الأسماء ولا يزكّوا أي اسم للحاكمية وهذه مسؤولية الحكومة».
طرح في التداول تعيين حارس قضائي من قبل قاضي الأمور المستعجلة بعد 31 تموز حرصًا على استمرارية المرفق العام، لكنْ خبراء قانونيون لفتوا لـ«البناء» إلى أن لا مستند قانونيًا لهذا الحلّ.
كما استبعدت مصادر «البناء» خيار التمديد لحاكم مصرف لبنان الحالي لوجود معارضة سياسية واسعة لاسيّما التيّار الوطني الحرّ، فضلًا عن عدم وجود أكثرية الثلثَين في مجلس الوزراء لتمرير التمديد لسلامة.
ويبقى خياران وفق المصادر: تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في مجلس الوزراء باقتراحٍ من وزير المالية ضمن تفاهم سياسيّ داخليّ وتغطية خارجية أميركية-فرنسية وعلى قاعدة الضرورات تبيح المحظورات والظروف الاستثنائية، أو استقالة النواب الأربعة للحاكم ورفض الحكومة الاستقالة ويبقون في منصبهم لتصريف الأعمال.
وكما كشفت «البناء»، أمس الأول، أن ميقاتي يحضّر لسلّة تعيينات لاسيّما في حاكمية مصرف لبنان، كشف الوزير السابق نقولا نحّاس في حديثٍ تلفزيوني إلى أن «رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يُمهّد أرضية التوافق السياسي لطرح اسم حاكم جديد لمصرف لبنان على طاولة الحكومة»، معتبرًا أن «الأولوية هي أن يكون الحاكم أصيلًا يوحي بالثقة، لأن تسلّم النائب الأول قانونيّ، لكنه لا يوحي بالثقة على المدى الطويل». (البناء)
لم تحظَ رسالة نواب حاكم مصرف لبنان التي أعلنت أمس، والداعية إلى تعيين حاكم أصيل بعد رحيل رياض سلامة آخر الشهر، مع تهديدٍ مبطّن بالاستقالة، بالوقع الذي أرادوه في الرأي العام، بل ارتدّت سلبًا عليهم وعلى رئيسَي مجلس النواب ومجلس الوزراء نبيه برّي ونجيب ميقاتي، مع توجيه أصابع الاتّهام من شرائح واسعة من المتابعين سياسيًا واقتصاديًا إلى موقّعي الرسالة على أنهم «ماريونيت» في يد من عيّنهم، وأنّ برّي وميقاتي يمعنان في تكرار محاولات فرض أمر واقع حتى لو تعلّق الأمر بتعيين حاكم لمصرف لبنان من دون وجود رئيسٍ للجمهورية، كما لو أنهما يديران الدولة وحدهما بالقفز فوق القوانين والأعراف. وفي حالة مصرف لبنان، ينصّ قانون النقد والتسليف بوضوح على تسلّم النائب الأول المسؤولية بعد نهاية ولاية سلامة. وحجّة برّي أنه لا يريد للطائفة الشيعية تحمّل وزر الكارثة التي في مصرف لبنان والمصارف وسوق القطع، أما حجّة ميقاتي ففحواها أنه قادر على التعيين وفق صلاحياته في ظلّ الفراغ الرئاسي، ونكاية بالجهات الرافضة والمعارضة له.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ هناك ضغطًا أميركيًا لتعيين حاكم قبل نهاية الشهر، لأنّ مصرف لبنان لا يحتمل الفراغ ولا يحتمل شخصًا شيعيًا على رأسه (وسيم منصوري). ولم يعد سرًّا أنّ شخص كميل أبو سليمان يحظى بقبولٍ داخلي ما وخارجي، ولاسيّما أميركيًا، وأنّ الأسماء الأخرى المتداولة مثل هنري شاوول وجهاد أزعور وسمير عسّاف فمنقسمة بين واحدٍ يريد التعيين وفق الأصول وآخر متردّد وثالث رافض.
وحتى مساء أمس لم تكن آلية التعيين التي يخطّط لها برّي وميقاتي واضحة، وكيف سيحصلان على موافقة «حزب الله» الذي سبق وأعلن أنه ضد تعيينات الفئة الأولى في ظلّ فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات. (نداء الوطن)
الجمعة ٧ تموز ٢٠٢٣