الاهتمام الوحيد الذي اثار التفات المراقبين الى هذه الزيارة تمثل في شبهة «استدراج» النظام السوري او سعيه بنفسه الى استعادة دور غابر في الازمة الرئاسية في لبنان. اذ بدا غريبا ان توقيت الزيارة جاء غداة الانفصال الكبير الحتمي بين "حزب الله " و"التيار الوطني الحر" الذي رتبه خيار رئيس "التيار" النائب جبران باسيل بالتفاهم مع قوى المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، تحدثت معطيات عن ان عون ذهب الى الأسد لتوضيح وتبرير كل الظروف والدوافع التي املت على تياره ورئيسه اتخاذ هذا الخيار وعدم القبول بدعم رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الأقرب وثوقا وعلاقة مع الأسد.
ولم يكن خافيا اتساع التساؤلات عما اذا كان ثمة سيناريو لاقحام النظام في الازمة الامر الذي يوجب انتظار ورصد بعض المؤشرات في الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية المقبلة في 14 حزيران . وكشفت المصادر ان باسيل كان يعتزم الزيارة لكن الجانب السوري ابلغه ان الأسد لا يمكنه استقباله فكان ان اتفق على ان يقوم عون بالزيارة. وأفادت المصادر ان عون طلب وساطة الأسد بين تياره و"حزب الله" ولكن الأسد طلب منه التواصل المباشر مع السيد حسن نصرالله.
وثمة من لفت الى جانب اخر من استقبال الأسد لعون اذ اعتبره رسالة قاسية من الأسد الى الرئيس بري الذي يتردد انه رفض استقباله رغم وساطة السيد حسن نصرالله في حين استقبل عون في عز الاشتباك بين الثنائي الشيعي و"التيار الوطني الحر".
اما في المعلومات الرسمية العلنية التي وزعها اعلام النظام السوري عن زيارة عون فلم تحضر الازمة الرئاسية الا من باب العموميات.
وقال البيان: "إنه كان للعماد عون دور في صون العلاقة الأخوية بين سوريا ولبنان لما فيه خير البلدين". وعبر عن ثقته ب"قدرة اللبنانيين على تجاوز كل المشاكل والتحديات، وتكريس دور مؤسساتهم الوطنية والدستورية". واعتبر أنه "لا يمكن لسوريا ولبنان النظر لتحدياتهما بشكل منفصل عن بعضهما"، منوها بأن "التقارب العربي - العربي الذي حصل مؤخراً وظهر في قمة جدة العربية سيترك أثره الإيجابي على سوريا ولبنان".
من جهته قال عون: "إن اللبنانيين متمسكون بوحدتهم الوطنية على الرغم من كل شيء"، واشار الى "أن سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطيرة بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته". (النهار)
مع هذا المشهد، دخل عامل جديد على السياسة المحلية تمثل بزيارة غير متوقعة وإن بدت «متأخرة» للرئيس السابق ميشال عون الى دمشق حيث استقبله الرئيس بشار الاسد، مع ان مصار التيار الوطني الحر قالت لـ «اللواء» ان العمل على الزيارة قائم منذ وقت ولكن الظروف خاصة انشغال سوريا بالعودة الى جامعة الدول العربية وبالقمة العربية، حتّمت حصولها امس. (اللواء)
في الشكل، بدا الرجل ضيفاً في حضرة «القدَر» السياسي، وتمادى الفريق اللصيق به وبعض الأصوات التي نمَت إلى جانب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في تعظيم الحدث واعتباره مفصلياً، مع أن كل عارِف يُدرك عكس ذلك. أن تقام للعماد عون (يرافقه مستشاره بيار رفول) مراسم استقبال شبه رسمي، وأن تلتقِط العدسات الرئيس السوري بشار الأسد مُرحّباً بضيفه بكل ودّ، لا يعني كلّ ذلك استعداداً لتلبية ما يطلبه الجنرال. وأن يخرُج عون من اللقاء بضحكة «طفيفة» وبيان «أخويّ»، بعد اجتماع استمر 45 دقيقة وغداء عمل استغرق ساعتين ونصف ساعة، لا يعني أيضاً أنه غادر دمشق ومعه كلمة السر المفتاح في وجه ترشيح زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وباسيل، رغمَ تقاطعه مع قوى المعارضة على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، لا يزال يمنّي النفس بعصا سحرية تشقّ الأرض لتبتلع ترشيح فرنجية وتعيد حياكة ما انقطع مع حزب الله في آن، وهو يأمل أن تكون سوريا هي العصا! وربما اعتقد بأنّ في إمكان عون أن يُصلِح ما أفسده هو في شؤون شتّى، وبدأ يستعين به حتى كادَ يستنفد طاقته.
لم يعُد سراً لكثيرين أن دمشق سبقَ أن رفضت طلبات من باسيل لزيارتها، ولا يرتبط الأمر بموقف شخصي أو سياسي من الرجل، إنما بسبب اشتراطه الذهاب إليها بشكل غير معلن. ولأن سوريا لم تعد في وارد تقديم هدايا مجانية لأحد، فإن مثل هذه الطلبات رُفِضت أيضاً لمسؤولين رسميين كانوا مقرّبين من عون حينَ كان في بعبدا، وكانت دمشق دائمة الإصرار على أن العلاقة بين البلدين يجب أن تكون بشكل رسمي. ومع كل التطورات التي حصلت في الملف الرئاسي وفشل كل محاولاته لدفع حزب الله للتراجع عن ترشيح فرنجية، ظن باسيل أن في إمكان عون أن يتوسط لدى سوريا للمساعدة، علماً أن ذلك لا يُمكن أن يكون متاحاً ضمن المسار الطبيعي الجاري.(الأخبار)
وفي معلومات لـ"الجمهورية"، انّ عون هو من طلب اللقاء مع الرئيس السوري، وانّه فاتح الاسد في الملف الرئاسي اكثر من مرة خلال اللقاء ليسمع منه الجواب نفسه: "لن نتدخّل". وإّذ بادر عون إلى شرح موقفه من الاستحقاق ولماذا تقاطع "التيار الوطني الحر" مع "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب" على مرشح، متطرّقاً اكثر من مرة الى موضوع الإجماع المسيحي، كانت استراتيجية الرئيس السوري دائماً التأكيد لعون على عدم التدخّل، وانّ لدى سوريا حلفاء في لبنان، ناصحاً بالتحدث معهم.
وأكّدت مصادر قريبة من فريق 8 آذار لـ"الجمهورية"، انّ الاسد لم يبد امام عون اي موقف حول الملف الرئاسي سوى تأكيد عدم التدخّل فيه. ورأت المصادر في زيارة عون لدمشق، محاولة للاستنجاد، بعدما استنجد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل نفسه بعون لحماية كتلته التي اصابها التفكّك، فكانت محاولة لإيجاد مخارج والبحث عن مكان في الاتفاق السوري ـ السعودي. (الجمهورية)