اِشتعال سعر صرف الدولار وأسعار المحروقات
مع تسرّب خبر الحُكم القضائي بإلزام «بنك ميد» سداد وديعة بقيمة 227 ألف دولار نقدًا، اشتعلت أمس الأزمة مجدّدًا بين جمعية المصارف والقضاء، بعدما كانت جمعية المصارف تلقّت وعدًا من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والنائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات بوقف «القرارات العشوائية» وفق ما يقول مصدر مصرفي لـ«النهار»، فأعلنت على أثره الجمعية الإضراب المفتوح ابتداءً من نهار الثلاثاء المقبل، احتجاجًا على «صدور قرارات قضائية تعسّفية جديدة، تكيل بمكيالَين» بحقها. وطالبت «باتّخاذ التدابير القانونية السريعة لوضع حدٍّ للخلل في اعتماد معايير متناقضة في إصدار بعض الأحكام التي تستنزف ما بقي من أموال تعود لجميع المودعين وليس لبعضهم على حساب الآخرين، ولمعالجة هذه الأزمة بشكل عقلاني وعادل ونهائي، تتحمّل فيه الدولة بصورة خاصة مسؤوليتها في هذا المجال».
وكان تصريح الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف (نُسِب خطًا إلى رئيس الجمعية سليم صفير)، تحوّل أزمة، على رغم إصلاح الخطأ، حول مصدره، وما تضمّنه من التباسٍ في شأن عدم وجود سيولة في المصارف، ونشر التوضيحات التي تؤكّد أن المقصود السيولة في الخارج وليس في الداخل، فاهتزّ الدولار صعودًا.
وبالأمس استفاق اللبنانيون على خبرٍ مجتزأ، أن المصارف توقّفت عن إجراء عمليات «صيرفة»، لأن مصرف لبنان لم يزوّدها السيولة، ما يهدّد بتوقّف «صيرفة» كلّيًا، فتحرّك الدولار أيضًا صعودًا.
وهكذا لامس الدولار مجدّدًا أمس عتبة الـ90 ألف ليرة، مهدِّدًا بمحو نتائج إعادة تفعيل منصّة «صيرفة» للحدّ من الارتفاع الجنوني الذي كان بلغه سعر الصرف. وارتفعت معه أسعار كلّ السلع، والمحروقات، بعدما كانت شهدت ثباتًا لنحو أسبوع.
ومن المتوقّع أن يواصل سعر الصرف صعوده مع إقفال المصارف الأسبوع المقبل، وتعطّل صيرفة لتقتصر فقط على القطاع العام، سحبًا لفتيل الانفجار الاجتماعي المؤجّل.
وفي شأنٍ متّصل، لا يخفى على الوسط المصرفي ترقّب مجموعات مالية ومصرفية داخل لبنان وخارجه في الغالب، تعمل لبلوغ المصارف المرحلة الأخيرة من التعثّر للتقدّم بعروض بخسة لتملّكها. وتفيد معلومات توافرت لـ«النهار» أن أهداف هذه المجموعات تلتقي مع أهداف مماثلة لقوى سياسية لا يبدو «حزب الله» بمنأى عنها، وتسعى تلك المجموعات وراء تحقيق صفقات جيدة لتحقيق أرباح، فيما «الحزب» والقوى الأخرى تساهم في ضرب القطاع، بعدما ساهمت في وضع اقتراح منح 5 رخص مصرفية جديدة في خطّة حسّان دياب. (النهار)
واستنكرت جبهة المودعين «قرار جمعية المصارف باستئناف اضرابها المجحف مهما كانت الذرائع، مؤكّدةً أن خطوة الإضراب مرفوضة جملةً وتفصيلًا كونها مدمّرة للاقتصاد الوطني بشكل عام ولحقوق المودعين بشكل خاص».
وحمّلت جبهة المودعين في بيان، «جمعية المصارف مسؤولية بثّ الذعر في المجتمع، الأمر الذي انعكس سلبًا على سعر صرف الدولار خلال دقائق وساعات قليلة من إعلان الإضراب، داعيةً المصارف إلى الرجوع الفوري عن قرار الإضراب لما فيه خير الوطن والمواطن». (اللواء)
وفي السياق، قالت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية» إن «المواجهة لم تعد تتعلّق بمعالجة مشكلة معيّنة، بمقدار ما أصبحت تتعلّق بمصير المصارف والمودعين ومستقبل الاقتصاد. وعلى الدولة أن تحسم أمرها وتقرّر ماذا تريد. اذا واصلت سياسة ادارة الظهر للأزمة، فهذا يعني انها تسعى عن قصد او اهمال الى تدمير القطاع المصرفي. أما إذا كانت لا تريد الوصول إلى هذا الوضع، عليها أن تتحمّل مسؤولياتها وأن تبادر إلى إيجاد حلول جذرية، ليس لمطالب محدّدة تطرحها المصارف، بل أيضًا للأزمة بشموليتها والتي تهدّد مصير الوطن ومستقبله ومستقبل اللبنانيين».
وكشف مصدر مالي رفيع لـ«الجمهورية» إن الحديث عن إعلان المصارف إفلاسها بسبب فقدان السيولة «هو استخفاف بعقول الناس، فالإفلاس لا يحصل هكذا بين ليلة وضحاها أو بمجرد إعلان هو حتمًا تمنيات المصارف للتنصّل من المسؤولية، فهذا الأمر يحتاج إلى وقت وإجراءات تدريجية ومعقّدة في مكانٍ ما، وهذا الأمر ليس مطروحًا حاليًا».
بالإضافة طبعًا إلى عامل القلق بعد التصعيد الذي نشأ جرّاء تجدّد إضراب المصارف بدءًا من الثلاثاء المقبل. بما يعني أن الدولار قد يكون مقبلًا على مرحلة صعود إضافي سريع في الأيام المقبلة، إذا لم تبادر الحكومة والجهات المعنية إلى اتّخاذ ما يلزم من إجراءات لحلحلة الأزمات المتعاقبة. (الجمهورية)
ويبدو أن الهدنة القضائية-المصرفية قد تعثّرت وتقف على مشارف السقوط إذ لم تستطع الصمود لأكثر من عشرة أيام، وقد أعلنت جمعية المصارف العودة إلى الإضراب على وقع ارتفاع سعر صرف الدولار من جديد أمس، وعاد ليلامس الـ90 ألف ليرة ورفع مصرف لبنان سعر صيرفة إلى 72 ألف ليرة، ما يؤشّر إلى عودة الأزمة واستمرار سعر صرف الدولار بالصعود إلى المئة ألف ليرة وما فوق وفق ما يتوقّع خبراء ساسيون واقتصاديون لـ«البناء»، ما يكشف بوضوح سياسة الابتزاز.
وكشف رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، عن «نقاش جدّي بين المصارف لإعلان الإفلاس، وهذا يعني انهيارًا كبيرًا». ولفت في تصريحٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «المطلوب تدخّلًا عاجلًا وتحمّل الدولة لمسؤوليتها عن دينها، قبل إعلان الخراب الشامل. تحذير علّ هناك من يسمع». (البناء)
وفي ظلّ انسداد الآفاق السياسية والمالية والاقتصادية في البلد، لم تستبعد أوساط مالية أن يستأنف الدولار رحلته نحو الـ«خمسة أصفار» في إشارة إلى توقّع بلوغه سعر صرف بقيمة 100000 ليرة بعدما فرمل تعميم المصرف المركزي الأخير خطواته لبعض الوقت في هذا الاتّجاه، خصوصًا وأنّ مصادر مصرفية أكّدت لـ«نداء الوطن» أن الإضراب سيكون هذه المرّة «أقسى مع فوز صقور جمعية المصارف على حمائمها، فتسلّم الصقور راية التصعيد بهدف إجبار السياسيين على اتّخاذ قرار بوقف سير الدعاوى القضائية ضد البنوك بأي ثمن».
أما على صعيد ما تمّ تداوله على نطاقٍ واسع عن إعلان إفلاس المصارف اللبنانية، فأكّدت مصادر قانونية أنّ "لإعلان الإفلاس موجبات قد لا تأتي في مصلحة أصحاب البنوك والمساهمين فيها ومديريها التنفيذيين ومدقّقي حساباتها، باعتبار أنّ تطبيق القوانين المرعية في هذه الحالة سيأتي على ثروات هؤلاء بشكلٍ أو بآخر سواءً كان الإفلاس تقصيريًا أو احتياليًا، وهذا ما يفسّر تخبّط خطوات المصارف خوفًا من الآتي»، مع الإشارة إلى أنّ توقّعات نواب معنيين أعربت عن قناعتها باستحالة إقرار القوانين المصرفية في المجلس النيابي لأنّ إقرارها بما يُرضي صندوق النقد من شأنه أنّ يحدث «تغييرًا جذريًا في القطاع المصرفي اللبناني الذي عرفناه طيلة 30 سنة بما يشمل تقليص عدد البنوك العاملة في لبنان على نحوٍ كبير». (نداء الوطن)
الجمعة 10 آذار 2023