تعليق على مقالة الرئيس بيتر جرمانوس عن الموارنة وعن مار مارون
المحامي إيلي بو خليل
ليست كلماتي دفاعًا عن الموارنة وعن المارونية وليست موجّهة إلى من يلومون الموارنة أو يكيلون شتى الاتّهامات وحتى الإهانات لهم بل لشرح المارونية السياسية وغير السياسية. الموارنة مع البطريرك الحويّك صنعوا دولةً اسمها لبنان أمام تحدّيات صارخة بعد خروج تركيا من لبنان. لم يُذكر في اتّفاق الحلفاء مع تركيا اسم لبنان. كان لبنان مجموعة طوائف وقبائل مقسّمة ومنقسمة على بعضها وكان هدف الحلفاء ضمّه إلى سوريا. اِستطاع البطريرك الحويّك تجميع هذه المجموعات puzzle ليصنع منها دولة.
اِستطاع أن يضمّ قسمًا كبيرًا من البقاع وحاصبيا ومرجعيون إلى لبنان بعد إقناع الفرنسيين بسحبها من مملكة الأمير فيصل الذي أعلن مملكته على سوريا ولبنان والأردن ومنطقة العلويين بالقوّة. واستطاع الجنرال غورو، بعد طلبٍ من البطريرك الحويّك إلى الفرنسيين، تحرير منطقة البقاع وضمّها إلى دولة لبنان المنشودة. الفرنسيون كانوا يرفضون ضم بيروت وطرابلس وصيدا إلى دولة لبنان لأنهم كانوا ينوون إقامة مناطق حرّة فيها. فأقنعهم البطريرك بضرورة ضمّها إلى دولة لبنان. البطريرك، بقلبه الكبير، استطاع أن يضمّ صور وجبل عامل إلى دولة لبنان رغم الجرح الكبير وحرق وسرقة كنائس منطقة جبل عامل بعد خروج تركيا من لبنان واستشهاد ١٠٠ مسيحي في بلدة عين إبل لمجرد انتمائهم المسيحي. هكذا تمكّن البطريرك الحويّك تأسيس جمورية لبنان ولولا جهوده لكان لبنان اليوم ضمن دولة سوريا.
لكن، هل هناك بطريرك حويّك جديد ليعيد تجميع هذا البازل الذي نحن عليه اليوم والذي جعل لبنان رسالة فريدة واستثنائية في كافة أقطار المعمورة؟
عزيزي الرئيس بيتر، إذا زالت دولة لبنان، كدولة، فهذا لن يمنع الموارنة من الانتشار عبر أقطار العالم كما هو حاصل اليوم، إنما جذورهم وشلوشهم ممتدّة بعمق في أرض لبنان، وهي ممتدّة فوق الأرض وتحتها إلى كافة أقطار العالم لأنهم أبناء الحياة والرجاء وأبناء الفرح. فلا تخشَ على الموارنة لأن جذورهم ممتدّة بعمق في أرض لبنان.
ملاحظة: المعلومات التاريخية في هذه المقالة مستمدّة من يوميات أجندة المطران عبدالله خوري ومستندات بكركي رئيس الوفد الثالث إلى فرنسا الذي فوّضه البطريرك الحويّك ومسؤولو سائر الطوائف لترسيم الحدود مع الفرنسيين واستمرّ عمله من أول شباط ١٩٢٠ إلى آخر آب ١٩٢٠.
المحامي إيلي بو خليل
الأحد ١٢ شباط ٢٠٢٣