إجهاض محاولة مجلس القضاء الثانية لتعيين محقّق عدلي رديف
«أُسقطت» أمس محاولة متقدّمة جدًا لتعيين محقّق عدلي رديف للمحقّق العدلي الأصيل في ملفّ انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار. فقد اتّجهت الإنظار إلى قصر العدل حيث كان عددٌ من أعضاء مجلس القضاء الأعلى دعوا المجلس إلى الانعقاد للبحث في تعيين قاضٍ رديف في تحقيقات المرفأ.
ومواكبةً لهذا الحدث نفّذ أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت تحرّكًا احتجاجيًا، صباحًا أمام قصر العدل في بيروت، في حضور النواب: سامي الجميّل، ميشال الدويهي، وضّاح الصادق، فراس حمدان، الياس حنكش، بولا يعقوبيان، زياد حوّاط، غسّان حاصباني، رازي الحاج وإبراهيم منيمنة، وعدد من الناشطين المتضامنين. وخلال الاعتصام، رفع المحتجّون الأعلام اللبنانية واللافتات المطالبة بـ«العدالة ورفع أيدي السياسيين عن القضاء، وتضامنًا مع وليم نون ورفاقه واعتراضًا على طلب التحقيق معه ومنعًا لطمس التحقيق من خلال بدعة القاضي الرديف مرتكبين بذلك مخالفةً للدستور والقانون خصوصًا بعد دعوة أربعة قضاة إلى انعقاد جلسة للمجلس العدلي».
ولم يكتمل النصاب لعقد الجلسة إذ غاب عنها رئيسه القاضي سهيل عبّود ومدّعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات الأمر الذي حال دون انعقاد الجلسة. وأعلن نون خلال التحرّك باِسم المعتصمين أنه «إذا عقدت الجلسة بشكلٍ غير قانوني وكان قرارها غير قانوني، فإننا لن نسكت، فقصر العدل وجد من أجل إحقاق العدالة. عندما يتعاطون معنا كأرقام، وأمواتنا كأرقام فهذا غير مقبول. ولو اتّخذ قرار لغير مصلحة الحقيقة لن يسلم قصر العدل وسنعبّر مع الشباب من أهالي الضحايا عن غضبنا الشديد». وأوضح أن «لدينا الثقة بالوفد الفرنسي من القضاة ونطلب لقاءه، نحن نطالب بتدويل الملفّ إحقاقًا للحق.» (النهار)
في الأثناء، كانَ التجمّع أمام قصر العدل في بيروت قد اكتمل لأهالي الضحايا الذين يجري «استغلالهم» لممارسة الضغط، معتبرين أن «زيارة الوفد الأوروبي فرصة لتجنّب طمس العدالة». وليسَ أدلّ على أن باطن الحراك سياسي بامتياز، من مشاركة النواب: بولا يعقوبيان ووضّاح الصادق وسامي الجميّل وفراس حمدان وإبراهيم منيمنة وغسّان حاصباني في التحرّك.
ولا تزال مصادر قضائية تعزو الاهتمام الفرنسي بالقضية إلى أن «فرنسا عيّنت قاضيًا للنظر في جريمة قتل فيها مواطنون فرنسيون، وترى أن من حقّها الحصول على تفاصيل التحقيقات». وبعدما تبيّن للجانب الفرنسي أنه يتعذّر الاجتماع بالقاضي طارق البيطار الذي رفض سابقًا كشف أي معلومات قبل أن ينهي عمله، طلب الفرنسيون الاجتماع مع النيابة العامة التمييزية للاطّلاع على تفاصيل الملفّ.
وفي السياق، تلقّى المعنيون في لبنان رسائل أميركية مباشرة تتعلّق بضرورة تحريك الملفّ. وفيما فسّر البعض الأمر على أنه عودة إلى استخدام الملفّ لأغراضٍ سياسية، كشفت معلومات أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا عقدت الأسبوع الماضي اجتماعات شملت عّبود وعويدات والمدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم، وشدّدت على ضرورة تحريك الملفّ والإسراع في النظر في وضع الموقوفين. لكن البارز أن السفيرة الأميركية كانت واضحة في طلب البتّ بمصير مسؤول أمن المرفأ محمد زياد العوف الذي يحمل جنسية أميركية، والذي مارست عائلته ضغوطًا على أعضاء في الكونغرس الأميركي للتدخّل لإطلاق سراحه. ولوّح أعضاءٌ بتحريك لجنة نيابية أميركية تعنى بالرهائن الأميركيين خارج الولايات المتّحدة، والتعامل مع الموقوف على أنه رهينة، ما يخوّل اللجنة أن تقترح على الحكومة الأميركية فرض عقوبات على المسؤولين المعنيين بتوقيفه، سواء كانوا إداريين أو قضاة أو أمنيين. (الأخبار)
وأبدت أوساط سياسية عبر «البناء» استغرابهم لاستباحة عدد من المواطنين لحرمة أهم مؤسّسة قضائية وإطلاق التهديدات وتهديد القضاة من دون أي رادع، بهدف استغلال قضية المرفأ والضحايا لتحقيق أهداف خارجية ولدعم قاضي التحقيق المكفوف يده القاضي طارق بيطار رغم كلّ الممارسات المخالفة للقوانين والدستور التي اتّخذها طيلة العام الماضي قبل كفّ يده»، كما لفتت الأوساط إلى «استقواء الأهالي بالقاضي الفرنسي للضغط على مجلس القضاء الأعلى لمنع تعيين بديل للقاضي بيطار، وبالتالي يستخدم الأهالي كدرعٍ سياسي لترهيب القضاء لكي لا يقوم بتصحيح مسار التحقيقات ومنع تعيين قاضٍ رديف لملفّ الموقوفين بالقضية، والهدف الإبقاء على القضية مفتوحة على التعقيد القضائي والسياسي والأمني والطائفي ولمزيدٍ من تحريف التحقيق وتضييع الحقيقة ولمنع إطلاق سراح الموقوفين لكي لا تفضح الحقائق». وتوقّعت الأوساط مزيدًا من التأزّم بملف المرفأ وتعثّر وضعه على سكّة المسار القضائي الصحيح وبالتالي ستبقى العدالة مغيّبة.
ووفق المعلومات فإن القاضي عويدات رفض تعيين القاضية سمرندا نصّار محقّقةً عدلية كقاضٍ رديف بقضية الموقوفين وسط خلاف بين سهيل عبّود ووزير العدل. (البناء)
الجمعة 13 كانون الثاني 2023