الحملة على المصارف
يجري تصوير التعميم الذي أفرج عن الودائع
يجري تصوير التعميم الذي أفرج عن الودائع
لا نستطيع لأول مرّة في التاريخ أن نضحك على عزلتنا، على مهانة تعرّينا من غيريّتنا... من مدنيّتنا؛ فالأخ لا يستقبل أخاه، والأب جزعٌ من زيارة ابنه، طالما أنّ كلًّا منا مصاب محتمل إلى أن تثبت الأيام القادمة عكس ذلك. لا يقارَن انتشار الكورونا مع تفشّي الجدري أو الطاعون في القرون المنصرمة، لأنّ الكورونا معولَم، أمّا الأوبئة القديمة كانت تنتشر ببطءٍ زمنيّ، طوله بطول المسافة الفاصلة بين الأمم والشعوب.
غالبًا ما أقضي أيامي وحدي في عزلةٍ اختيارية بحكم طبيعة خياراتي وعملي، بين الكتابة والقراءة والمهنة، فلا أخرج إلى العالم إلّا من أجل الهروب من ذاتي وإعطائها فرصة لبناء حضورها مع الآخر. على إثر وباء كورونا، الذي حتّم على الجميع البقاء في المنازل والعمل عن بعد، عدت أكثر فأكثر إلى انتمائي الأولي وإلى
لا يفوتني شيء مما يكتبه سمير عطالله، ولا أكفُّ عن الاتّصال به بعَيْدَ قراءة كلِّ مقال، كما أنني في حالة حوار هاتفي مستدام مع سجعان قزّي في ما يقدّمه من طروحات. لكنَّ ما كتَباه أيامَ الاحتباس المنزلي كان له فضاء آخر، فالأقلام الواعية تنفض عن أسنَّتِها في مثل هذه الأحوال مداد اليوميات الحبالى بالرزايا المتلاحقة، وتلتفت إلى المخزون الثقافي والحضاري لتستطلعه نورًا لم يشع بعد، أو تستكتبه نصًّا يقيم التوازن حيال الاضطراب المجتمعي والنفسي الذي يلف ّأركان القارات.
لقد أحالنا ضغط العزل المنزلي، كسبيلٍ ناجع لمكافحة الوباء، إلى كائنات ضعيفة، لا حول لها ولا قوّة، تلوذ إلى التخيُّل، طالما أنّ مراكز الأبحاث العلمية في العالم، لا زالت عاجزة عن تفسيرٍ علمي دقيق لمصدر الفايرس
إذا صدق ما يقوله العلماء في شأن الكورونا، فإنّ البشريّة مقبلةٌ على أزمنة عسيرة سيُضطرّ فيها الناسُ إلى مساكنة الموت في غير ما ألِفوه وتعوّدوه حتّى الآن.
ثلاثة أشياء تغيّر نظرتك للحياة، هكذا يقول جبران خليل جبران:
كما لو أنّ الطبيعة لا زالت تنذر البشرية بأنّ الآتي أعظم، ما لم يُستدرك الفلتان المستعر بين الأمم اللاهثة، كلٌّ بحسب وزنه، للاستحصال على أكبر قدرٍ من ثروة الأرض، بأقلّ كلفةٍ وكيفما اتّفق، يمكننا أن ندرج ما يحصل تحت عنوان
يُجمع أهلُ البصيرة على القول بأنّ الأنظمة الرأسماليّة والشيوعيّة والإيديولوجيات القوميّة والدينيّة أضرّت بالإنسانيّة أيّما ضرر. اِجتهدت جميع هذه الأنظمة والإيديولوجيات في الانتصار لتصوّراتها المعرفيّة والمسلكيّة المتطرّفة، فأهملت الشخص الإنسانيّ في صميم جوهره، وعمق كيانه، وأصالة كرامته، ومعنى حرّيّته، وجميل وعيه، ومسعى عقله، ورهافة وجدانه. لذلك لا يمكن أن تنفصل مأساة الكورونا عن هذا المسرى التسلّطيّ الذي اتّبعته هذه الأنظمة في ادّعائها القدرةَ على صون الإنسان ورعايته وإنعاشه وتعزيزه وتطويره.
العالم كلّه في هذه اللحظة، يشبه حال مدينة ستالينغراد التي كانت تستعدّ لحرب هتلر إبّان الحرب العالمية الثانية، بهيئة هزيلة حيث لا أسلحلة حرب كافية لأعداد الجنود، ولا معدّات ولا أدوات، سوى الفتات من الآليّات العسكرية المهترئة!