لو أن أجدادنا عظماء، لما انفجرت بيروت!
يعجبني من يكتب في الحداثة والنهوض والانقلاب الجذري والثورات العلمية، فيرى ذلك موجودًا في عيني جدِّه ورفاق جدّه ومكان جدّه وزمان جدّه، وأنه هو استمرار حتمي لهذه الأعجوبة الوجودية!
يعجبني من يكتب في الحداثة والنهوض والانقلاب الجذري والثورات العلمية، فيرى ذلك موجودًا في عيني جدِّه ورفاق جدّه ومكان جدّه وزمان جدّه، وأنه هو استمرار حتمي لهذه الأعجوبة الوجودية!
لا تزال الغيوم تخيّم فوق بيروت نتيجة الانفجار الزلزال الذي هزّ لبنان من الناقورة إلى النهر الكبير. الانفجار الغريب في الحجم والشكل، بظلّ أحاديث وروايات وسيناريوهات مختلفة تحاول الإجابة عن الحادث بظلّ غياب المعلومة الرسمية لدى المعنيين في لبنان مما أحدث صدمة كبيرة لدى الناس وخاصة المصابين الذي انتظروا من الدولة وأجهزتها كافة المعلومات بغض النظر عن مأساتها وتفاصيلها لجهة التفجير وإمكانية احتمالاته المتعدّدة.
متن الحدث يملي عليَّ قبل الدخول إلى متن الحديث، أن أشكر الله أن ديكَ النهار لا يزالُ يصيح أعلى من صوت الانفجار الذي كثَّفَ خمسة عشر عامًا من هيمنتهم في لحظة لن ينساها التاريخ، حين دمَّرَت سحابة الفطر النووي أو الأمونياكي العاصمة وهم معتصمون بحبل الحكم، وزلزلتِ الدولة وهم ممسكون بخناقها، فمتى يرعوون ويسمعون ويرحلون؟
أين البشير؟ كلّ شوارع بيروت كانت بالأمس تصرخ وتستنجد أين بشير الجميّل؟
نشرتُ مقالات عديدة قبل الانفجار الكبير في بيروت وبعده تتكهّن أن لبنان مات أو سيموت. قرأتُ، في هذا السياق، عدّة مقالات باللغتين العربية والإنكليزية، كان آخرها للسفير الأميركي الأسبق لدى لبنان جيفري فلتمان. هذه المقالات تؤلمني، كما تؤلم كلّ لبناني شريف، خاصة أهل الانتشار الذين، وإن أصبحت لديهم جنسية أخرى، ما زال ارتباطهم بلبنان قويًا، لا بل أزليًا.
التي احتضَنت ثلاثة أَطفال حديثي الولادة، وهرعَت بهم نُزولًا على درجاتٍ من كُسُور الزجاج، ولم تسأَل في العتمة عن جراح قدميها، وركضَت بهم خارجًا تبحث عن مستشفى يتعهَّدهم بعدما بات مستشفاها حُطامًا، وضامَّةً إِياهم إلى صدرها مشَت بهم خمسة كيلومترات بطُولها كان الناس يخلعون ستراتهم ويغطُّون بها الأَطفال الراجفين من برد
كما قال ريمون إدّه رحمه الله، إذا وصل ميشال عون فالويل للبنان!
... وفي يوم عيدها، تَبَقَّع بالدمِ ديكُها لكنه بقيَ مرفوعَ العُرف صَدَّاحًا بلبنان اللبناني.
أتّهم رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة الحالي وأعضاءها، رؤساء الحكومات اللبنانية السابقين ومؤسّسات الدولة والأجهزة الأمنية وأجهزة المخابرات بالقتل والإهمال الجنائي، أنا أتّهمهم بارتكاب جريمة الانفجار الذي وقع في 4 آب 2020 في لبنان، والذي جرف معه موكب من القتلى والجرحى، واقتلع مني ومن عائلتنا ديان وما تبقّى من بيروت التي عرفناها.
الكاتب الأردني عبدالهادي راجي المجالي يكتب عن بيروت بعنوان يا عذرا...